جاء اغتيال الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح على أيدى الحوثيين، تحولا جديدا فى سياقات الأحداث باليمن، وهى خيوط معقدة أصلا. فقد انقلب صالح مؤخرا على الحوثيين، وبدأ يخاطب الخليج بحثا عن حلف جديد، فيما بدأ محاولة لإعادة مشهد السلطة للمرة الثالثة خلال سبع سنوات، لكنه لم يكمل مناورته الأخيرة وقتل برصاص الحوثيين، الذين تغدوا به قبل أن يتعشى بهم، ليعيدوا لخبطة الغزل فى اليمن من جديد، وبالطبع فإن مقتل صالح يمثل نهاية لمرحلة وبداية لأخرى، لأنه يمثل رقما مهما فى معادلة السلاح والصراع القبلى والعسكرى فى اليمن.
على عبد الله صالح الذى نجا من الاغتيال الأول، وتلقى العلاج من الحروق فى السعودية، وحصل على ضمانات بعدم الملاحقة، وبعد أن تولى الرئيس هادى السلطة، وبدأ فى تصفية جيوب صالح، وممارسة السلطة بناء على «المبادرة الخليجية»، انقلب الحوثيون فى سبتمبر 2014 وسعوا للاستيلاء على السلطة. وبدا انضمام على صالح للحوثيين مفاجأة وصدمة لحلفائه وداعميه فى الخليج. ليتواصل الصراع 3 سنوات. نجا صالح من قصف التحالف العربى، قبل أن يعود لينقلب على الحوثيين ويرسل إشارات لاستعادة دعم الخليج. ويهاجم الحوثيين وإيران وكانت هذه آخر مناورات صالح لاستعادة مشهد غادره قبل 7 سنوات. لكن الحوثيين قتلوه. ليبدأ مشهد الصراع فى اليمن كأنه يعود إلى نقطة نهاية وبداية فى الوقت نفسه.
اغتيال صالح بأيدى الحوثيين يمثل نصرا تكتيكيا على حليف منقلب، لكنه أيضا خسارة لجبهة الحوثيين، التى ظل على عبد الله صالح داخلها طوال 3 سنوات، كما أن اغتياله، يحول قواته التى كانت تحارب مع الحوثيين إلى معسكر العداء، وفى حال نجا أبناء صالح فسوف يكملون ما بدأه صالح، الذى كان فى طريقه للانضمام إلى التحالف العربى.
ومع الأخذ فى الاعتبار أن كل الأطراف فى الصراع باليمن أصابها الضعف، فإن اغتيال صالح، قد يكون نهاية لمرحلة وبداية لأخرى، حيث أعلن الحوثيون استعدادهم للحوار المباشر مع السعودية.. حيث أعلن محمد البخيتى، عضو المكتب السياسى لجماعة الحوثى، استعداد جماعته للحوار من أجل التوصل لحل سياسى ينهى الأزمة اليمنية، وقال البخيتى، لـ«الرأى» الكويتية: «مستعدون للحوار وطالبنا الحكومة السعودية بالحوار المباشر من أجل إتاحة المجال للعودة لطاولة المفاوضات، لإيجاد حل لسد الفراغ فى السلطة فى اليمن، واختيار رئيس وحكومة تستوعب كل المكونات السياسية».
عرض الحوثيين رفضه حزب المؤتمر الشعبى العام قبل اغتيال زعيمه على عبد الله صالح، وربما يواصل الحوثيون عرضهم حتى بعد اغتيال صالح، ليحتفظوا بجزء من معادلة السلطة المقبلة، خاصة مع إضعاف جبهة حزب المؤتمر باغتيال صالح، وكل هذا مرهون بما يمكن أن تسفر عنه خطوط الاتصال والمناورة. لأن الفعل فى اليمن من الخارج. وتمتد خيوطه إلى السعودية وقطر وإيران، فى حروب بالوكالة أكثر منها صراعات واضحة على نفوذ وسلطة.
قصة اليمن تبدو إعادة للحكاية الألمانية الشهيرة «الضفدع والعقرب»، والتى تحكى أن عقربا وضفدعا، التقيا على ضفاف نهر، وطلب العقرب من الضفدع، أن ينقله على ظهره للضفة الثانية. ورد الضفدع: من يضمن لى، أنك لن تلدغنى بوسط النهر. رد العقرب: إن لدغتك، سنغرق معا. قبل الضفدع وركب العقرب، ووسط النهر لدغ العقرب الضفدع فقال الأخير : «كيف تفعل هذا أيها الأحمق»؟ فقال العقرب: إنها الغريزة. لكن الأمريكية دورين كايز فى كتابها «ضفادع وعقارب» حورت النهاية بقول العقرب: لا تنس «يا عزيزى أنك فى الشرق الأوسط». وهو تعبير يبدو حقيقيا عما يجرى فى اليمن، وغيرها من دول المنطقة، حيث تتعدد الخيوط وتتعقد، كلما وصلت لنهايتها يبدأ صراع جديد. يدفع اليمنيون ثمنه خرابا. فهل يكون مقتل على صالح بداية أم نهاية لآلام الشعب اليمنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة