ـ 18 مليار دولار إجمالى عائدات إعلانات الصحف الأمريكية فى 2016 مقارنة بـ49 مليار فى 2015
ـ 85% إجمالى حصة جوجل وفيس بوك من الإعلانات الإلكترونية مقابل 15% لوسائل الإعلام والصحف الأمريكية
ـ نيويورك تايمز تبدأ خطة تسريح للموظفين .. وتؤكد: سنضطر لإعادة الهيكلة والفصل ما لم نجد عدد كافى لحملة الأسهم
ـ إمبراطور الإعلام العالمى روبرت ميردوخ: لن أشترى مزيد من الصحف .. ومشغولون لجعل إصداراتنا قادرة على الاستمرار
بوتيرة متسارعة توالت التحذيرات لتتحول إلى جرس إنذار دوى صداه داخل دور نشر عالمية وصحف محلية على حد سواء ليبدأ صناع الصحافة والإعلام المطبوع والإلكترونى المطالبة عبر وسائل عدة بإعادة توزيع عادلة لعائدات الإعلانات مع تحركات جادة لحماية حقوق الملكة الفكرية وما يبذل من جهد صادق للحصول على معلومة دقيقة لا تخدم إلا القارئ أينما كان، بعدما تحولت مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر"، بخلاف محرك البحث الشهير إلى منافس غير شريف يمتلك الحق فى نشر المحتوى دون مقابل ويقاسم المؤسسات الإعلامية عائدات الإعلانات دون قواعد.
الصحافة المطبوعة تواجه العديد من القيود والتحديات
وبخلاف انتهاك الخصوصية والحصول على بيانات المستخدمين دون وجه حق، وفضلاً عن دور منصات التواصل الاجتماعى فى نشر المحتوى والفكر المتطرف رغم التحذيرات الغربية من خطورة هذا الدور، باتت مواقع "جوجل" و"فيس بوك" تشكل تهديداً واضحاً للصحف عالمية من بينها لوس أنجلوس تايمز، واشنطن بوست ، بخلاف الصحف المملوكة لإمبراطور الإعلام الغربى، الملياردير روبرت ميردوخ، الذى حذر الشهر الماضى من خطورة تلك المواقع على صناعة الصحافة، مؤكداً أن عائدات اصداراته تراجعت بشكل ملحوظ.
وفى استراليا، بدأت هيئة حماية المنافسة تحقيقاً رسمياً للتعرف على مدى تأثير تلك المواقع وغيرها من المنصات الرقمية على وسائل الإعلام وصناعة الدعاية والإعلان، حيث قالت صحيفة فينانشيال تايمز إن التحرك الجديد يأتى فى أعقاب أمر من الحكومة الأسترالية لإجراء تحقيق رسمى فى تأثير عمالقة الإنترنت على هذه الصناعة، وذلك كجزء من تغييرات قوانين الإعلام فى سبتمبر الماضى، وهو ما يأتى وسط دعوات دولية لتنظيم أكثر صرامة لعمل شركات التكنولوجيا التى برزت سلطتها ونفوذها السياسى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016.
وقال رود سيمز، رئيس لجنة المستهلك والمنافسة الاسترالية: "إن لجنة التنسيق الادارية بدأت هذا التحقيق بعقل مفتوح وستدرس كيف تعمل المنصات الرقمية مثل الفيس بوك وجوجل لفهم نفوذها بشكل كامل فى استراليا". وأضاف "سوف ندرس ما إذا كانت المنصات تمارس القوة السوقية فى التعاملات التجارية بما يضر بالمستهلكين ومنشئى محتوى وسائل الإعلام والمعلنين".
تراجع عائدات الإعلانات تكبد الصحف الكبرى خسائر فادحة
وقالت اللجنة انها ستبحث عن كثب الاتجاهات طويلة الاجل وتأثير التغير التكنولوجى على المنافسة فى الاعلام والاعلان. وقال سيمز: "مع تطور قطاع الإعلام، هناك مخاوف متزايدة من أن المنصات الرقمية تؤثر على قدرة وسائل الإعلام التقليدية على تمويل تطوير المحتوى".
وبلغ إجمالى عائدات الإعلانات فى صناعة الصحف الأمريكية 18 مليار دولار أمريكى العام الماضى، مقارنة بحجم إيرادات 49 مليار دولار أمريكى قبل عقد من الزمان، ذلك وفقا لدراسة أعدها مركز بيو للأبحاث. واستحوذ فيس بوك وجوجل على 85٪ من إجمالى إيرادات الإعلانات على الإنترنت خلال عامى 2015 و 2016، وفقا لتقرير اتجاهات الإنترنت لعام 2017 الذى نشرته شركة كلينر بيركنز كوفيلد & بييرس.
ويتزامن التحقيق مع تزايد الدعوة إلى تنظيم أكثر صرامة للمنصات الرقمية، فى ظل مزاعم شراء كيانات روسية إعلانات على الفيس بوك كوسيلة لنشر رسائل خلافية داخل الولايات المتحدة قبل انتخابات عام 2016. كما بدأ البرلمان البريطانى التحقيق فى ما إذا كانت روسيا تستخدم "أخبارا مزيفة" تمت مشاركتها على الفيس بوك وتويتر للتأثير على استفتاء بريطانيا على عضوية الاتحاد الأوروبى.
ومؤخراً تم استدعاء المديرين التنفيذيين لجوجل وفيس بوك أمام لجنة برلمانية أسترالية للنقاش بشأن مستقبل الصحافة، بعد خسارة نحو 2000 فرصة عمل عبر القطاع منذ عام 2011. ويدرس التحقيق ما إذا كان فرض رسوم على شركات التكنولوجيا التى تحصل على الإعلانات عن طريق تجميع المحتوى الإخبارى، سيكون وسيلة ناجحة لدعم الصحافة.
من انتهاك الخصوصية إلى التأثير على صناعة الصحافة تتزايد الاتهامات الموجهة لـ جوجل
وتعارض شركة جوجل الاقتراح، حيث قال جاسون بيلليجرينو، العضو المنتدب لشركة جوجل فى أستراليا، خلال جلسة استماع، فى أغسطس الماضى: "لا نعتقد أن اللوائح والتدخلات هى الحل".
وفى منتصف الشهر الماضى، أعلن إمبراطور الإعلام العالمى الشهير روبرت ميردوخ إنه لا يتطلع لتوسيع إمبراطوريا لصحفه ، معترفا بأن الإعلام الإلكترونى شكل ضررا كبير على الصحافة المطبوعة، وأن العديد من المؤسسات الصحفية تعانى من تلك المشكلة.
وردا على سؤال فى مؤتمر صحفى خاص بمجموعته الإعلامية يتعلق باحتمال شراء شركته مزيد من الصحف، أجاب الرئيس التنفيذى لنيوز كورب البالغ من العمر 86 عاما قائلا: "ليس بالفعل، لا. نحن منشغلين للغاية لجعل صحفنا الحالية قابلة للاستمرار".
وقال إنه يعتقد أن أكبر ثلاث نجاحات حققها هى فى أكبر ثلاث صحف وطنية، وهى تايمز اللندنية وول ستريت جورنال الأمريكية، و"أستراليان" فى أستراليا، فى حين أن الصحف الآخرى، الكثير منها لا يزال قادر على الاستمرار، لكنها تصارع.
إمبراطور الإعلام العالمى روبرت ميردوخ
وتعانى وسائل الإعلام الكبرى من تراجع عائدات الاعلانات بسبب الممارسات الاحتكارية التى يقوم بها "فيس بوك" و"جوجل"، وهو ما دفع تلك الصحف إلى تقليص هامش الطباعة، بخلاف البدء فى خطط إعادة هيكلة وتسريح عدد من الصحفيين والإداريين العاملين لديها.
وفى يونيو الماضى، أقدمت صحيفة "نيويورك تايمز" على إلغاء منصب "المحرر العام" المعروف إعلامياً بأمين عام المظالم، وهو منصب يتولى دور المحكم بين القارئ والمحرر حال حدوث خلال أو مشكلات، مشيرة إلى أنها ستعتمد أكثر على ما يردها من تعليقات مفتوحة للقراء على ما تنشره من مواد على موقعها الإلكترونى.
وبعد أسابيع من قرارها، أرسلت الصحيفة بريد إلكترونى داخلى لموظفيها، نشرت تفاصيله صحيفة فينانشيال تايمز البريطانية، وقالت فيه إن "الصحفيين من الممكن أن يتعرضوا لتسريح إجبارى حال عدم وجود عدد كاف من مشترى الأسهم".
وكان من بين الوظائف المخطط تقليصها وظيفة الديسك مان أو المحررين الذين يراجعون المحتوى قبل النشر وهو ما استقطب غضب هؤلاء المحررين الذين كتبوا رسالة إلى إدارة الجريدة، قالوا فيها إنهم "جهاز المناعة" بالنسبة لأى صحيفة وإنهم المجموعة التي تحمي المؤسسة من أخطاء محرجة للغاية، بحسب "فايننشال تايمز".
وفى ظل السطو الذى يمارسه جوجل وفيس بوك على سوق الاعلانات الرقمية ، طالب اتحاد ناشرى الصحف الكبرى فى الولايات المتحدة الكونجرس بالتدخل مؤخراً، ومنحهم الحق للتفاوض جماعيا مع منصات وسائل التواصل الإجتماعى.
وقرر المديرين التنفيذيين لوسائل الإعلام الأمريكية الكبرى أن الوقت بات ينفد لإجراء التغيير اللازم. وبحسب تقرير سابق نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز فإن مجموعة تسمى تحالف وسائل الاعلام، يضم ناشر نيويورك تايمز وناشر صحيفة وول ستريت جورنال، بالإضافة إلى عشرات الصحف الصغيرة، تدعو المشرعين الفيدراليين إلى منح الصناعة استثناء من قواعد مكافحة الاحتكار للتفاوض بشكل جماعى مع عمالقة التكنولوجيا.
وقالت الصحيفة إنه من خلال الإتحاد فإنه يمكن لوسائل الإعلام أن يكون لديهم تأثير أكبر فى مواجهة شركتى فيس بوك وجوجل اللتان تستحوذا على أكثر من 70% من سوق الإعلانات الرقمية فى الولايات المتحدة، الذى يبلغ 73 مليار دولار.
وقال ديفيد تشافيرن، الرئيس والمدير التنفيذى لتحالف وسائل الإعلام الإخبارية، فى مقال بصحيفة وول ستريت جورنال "إن فيس بوك وجوجل لا توظف الصحفيين ولا تتعقب السجلات العامة للكشف عن الفساد، وإرسال المراسلين فى مناطق الحرب. انهم يتوقعون أن يقوم صناع الأخبار، الذين يتعرضون للضغوط الاقتصادية، أن يقوموا بذلك العمل المكلف بدلا منهم".
وأضاف تشافيرن: "الطريقة الوحيدة التى يمكن للناشرين أن يواجهوا بها هذا التهديد العنيد هى الإتحاد معا". وأضاف "إذا فتحوا جبهة موحدة للتفاوض مع جوجل وفيس بوك، عاملين على الدفع نحو تعزيز حماية الملكية الفكرية ودعم أفضل لنماذج الاشتراك وتحقيق حصة عادلة من الإيرادات والبيانات، فيمكن أن نبنى مستقبل أكثر استدامة لصناعة الأخبار".
وقالت شركة جوجل فى بيان انها تريد مساعدة الناشرين للانتقال إلى الرقمية. وقال عملاق البحث "اننا ما زلنا ملتزمين التزاما عميقا بمساعدة الناشرين فى مواجهة تحدياتهم وفرصهم".
وليس من الواضح مدى إمكانية استجابة الكونجرس لطلب تحالف وسائل الاعلام لإعفائهم من قواعد مكافحة الاحتكار التى تهدف لمنع الشركات من الهيمنة على سوق معينه، وهو الأمر الذى لم تكن الصحف متهمة به من قبل.
وقال تشافيرن إن الدور الفريد الذى تلعبه وسائل الإعلام فى السياسات الأمريكية وتاريخ الولايات المتحدة يجعل من المهم ضمان معركة عادلة حول الإيرادات بين الناشرين وهذه المنصات الضخمة". وأضاف أن قوانين منع الاحتكار تستثنى فيس بوك وجوجل من قوى السوق، وقد أصبح على ناشرى الصحف ضرورة كبح جماح هذه القوى للدفاع عن استثماراتهم فى الصحافة.
ومن واشنطن وكانبيرا، إلى لندن .. لم تختلف المخاوف والتحذيرات ، حيث قالت الكاتبة البريطانية تينا براون، رئيس تحرير مجلة نيويوركر السابقة إن جوجل وفيس بوك بـ"سرقة مجهود الصحفيين"، معربة عن قلقها بشأن مستقبل الصحافة على مستوى العالم بأكمله.
وفى حوار مطول مع مجلة "تايم" الأمريكية ، قال براون : "على فيس بوك وجوجل إنشاء صندوق خيرى للصحافة لتعويض العائدات المسروقة"، مضيفة أن الشبكات العملاقة لديها مسؤولية لدعم الصحافة الاستقصائية، لا يمكن أن تتنصل منها.
وردا على سؤال عن أى الشبكات أخطر على الصحافة، أشارت الصحفية والمذيعة البريطانية إلى أن فيس بوك هو الأكثر سوءا نظرا إلى هيمنته عالميا، مشددة على ضرورة إعادة جزء من الإيرادات للصحافة والمؤسسات الإعلامية.
وأكدت براون على حاجة العالم إلى الصحافة نظرا للدور العالمى الذى تلعبه الصناعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة