لم يكن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل عاصمة إسرائيل إلى القدس، مجرد خطوة عنترية من الملياردير الأمريكى، بل أنها جاءت تتويجا لجهود تفكيك الجيوش العربية وتقسيم شعوبها وأراضيها، والعمل من وراء الكواليس على ضرب أى محاولة لتجميع تلك الشعوب وإنهاء خلافاتها، وإتمام التصالح بين فصائل الأمة.
ترامب
وما تجرأ ترامب، وأعلن أن القدس عاصمة لإسرائيل، إلا بسبب تشرذم العرب، وإنهماكهم فى الحروب الداخلية، وإسقاط جيوشهم بأيديهم، فالعراق منذ إعدام صدام حسين على أيدى الأمريكان عام 2006 لم يكن عراقا وتفتت لطوائف عدة وأصبح الحلم الأكبر للأشقاء فى بغداد التحرر من داعش والقضاء عليه، الوضع مماثل فى اليمن، التى انقسمت بين الشعب اليمنى والحوثيين، ومؤيدى الرئيس الراحل على عبد الله صالح، وهكذا الحال فى سوريا وليبيا التى أصبحت الملاذ الآمن للجماعات المتطرفة والكيانات الإرهابية، فبعد هذا التشرذم والانقسامات وسقوط الجيش لماذا لا يسحق "ترامب" القوانين الدولية من أجل أشقاءه فى إسرائيل.
"اتخاذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بأن القدس عاصمة إسرائيل يعد عمل تآمرى بدأ منذ أيام وعد بلفور بإنشاء وطن قومى لإسرائيل" هكذا علق يحيى كدوانى وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب.
وأضاف: "هناك عامل تآمرى أخر حديث يتمثل فى الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة والربيع العربى كانت المرحلة الثانية لدعم إسرائيل، واستهدف تغيير بعض الأنظمة العربية فى الدول ذات الثقل السياسيى والإقليمى والعسكرى بالمنطقة بهدف إحداث خلخلة تكون فى النهاية إضعاف للعرب فى مقابل قوة إسرائيل التى تنعم بالأمن والأمان والسلام وأنها عاصمة الديمقراطية فى الشرق والكثير من الشعارات مما يتم ترديده.
كدواني
وقال كدوانى فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع" إن كل ما شهدته المنطقة العربية مؤامرة ضد العرب وانتهت بالجائزة الكبرى، التى تعتبر حلم اسرائيل بأن تكون عاصمتها القدس العربية الشريفة، متابعا أن المؤامرة كانت تستهدف قلب الانظمة وتفكيك الجيوش، وإضعاف الشأن العربى وإحداث نوع من التدخل الأجنبى السافر فى الشأن العربى مثل ما يحدث سوريا والعراق واليمن وأفعانستان وكل الدول العربية والإسلامية حيث يعتبر ذلك مكمل لوعد بلفور وإنتاج حالة من التشرذم العربى تمهيدا لاتخاذ قراره بنقل السفارة الأمريكية للقدس.
واستطرد وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى، أن أمريكا تبنت فكر ودعوة شيمون بيريز الذى قال الشرق الأوسط الجديد بالفوضى الخلاقة واستهدف ضرب القوة المؤثرة فى المنطقة العربية العراق وسوريا ونجحوا فى ليبيا وحاولوا فى السودان واستطاعوا تفكيكها وتقسيمها وحاولوا فى مصر مؤكدا كل هذه المؤامرة تستهدف دعم إسرائيل وفى النهاية جعل عاصمتها القدس العربية الشريفة.
وتابع النائب يحيى كدوانى، الموقف الأمريكى كان موقفا مخالفا للشرعية الدولية وآحادى الجانب رغم التحذيرات والتنبيهات التى واجهت ترامب لعدم الاعتراف ونقل السفارة للقدس ورغم وجود قرارات من مجلس الأمن 242 و238 وفق الشرعية الدولية وموافقة كل العالم على عدم المساس بالقدس والأراضى العربية التى احتلت بعد 67 ورمى ترامب بكل هذا عرض الحائط وقضى على فكرة السلام والمفاوضات المباشرة واعتدى على حق المسلمين والمسيحيين فى هذا المكان المقدس.
وأكد وكيل لجنة الدفاع أن ما قام به ترامب جريمة جديدة لم يقدم عليها الرؤساء الأمريكيين رغم أن كانت هذه الفكرة مطروحة منذ سنوات ولم يستطع أحد منهم على هذا العمل الطائش إلا ترامب.
محمد ابو حامد
واتفق مع الرأى السابق، محمد أبو حامد عضو مجلس النواب، قائلا: "بشكل عام الخطط الإسرائيلية موضوعة من سنوات طويلة ولكنهم ينتظروا اللحظة المناسبة لينفذوا فيها ما يخططوه، موضحا أن مخططات إسرائيل للسيطرة على القدس ليس أمر جديد ولكنه موجود ومفصح عنه من سنوات بعيدة والموقف الأمريكى فى تأييد ليس بجديد لأن الكونجرس فى التسعينات اقر واتخذ ما يفيد بأن القدس عاصمة لإسرائيل، ولكن رؤساء أمريكا كانوا يرجئون تنفيذه لأن يروا أن الوقت ليس مناسب للتنفيذ نتيجة لأن الدول العربية كانت أكثر تماسكا وكانت أمريكا لديها قلق عن رد فعل الدول العربية ومصالحهم بالمنطقة ولدى الدول العربية".
الحرب فى اليمن
وأضاف أبو حامد فى تصريح لـ"اليوم السابع" أن الوقت الحالى ونتيجة للظروف التى مرت بعد أحداث 2011 أصبح واضح أن معظم الدول العربية فى معظمها لديها إشكاليات داخلية ومواجهات مع الإرهاب وتحديات أخرى بالمنطقة وبالتالى الإدارة الامريكية الحالية وجدت أنها تستطيع تنفيذ القرار حاليا، وأنها ستكون مستفيدة من الوضع الذى أصاب دول كثيرة بالمنطقة موضحا أن موقف ترامب ليس بالمفاجأة خاصة وأنه أعلن ذلك أمام اللوبى اليهودى أثناء طرح برنامجه الانتخابى.
وتابع عضو مجلس النواب أن الأحداث التى صاحبت ثورات الربيع العربى بعد عام 2011 وظهور الجماعات الإرهابية بالمنطقة وحاولت تستفيد من الثورات لتنفيذ مخططاتها كان له دورا كبيرا لدى الإدارة الأمريكية لتتخذ القرار.
الحرب فى العراق
فيما قال النائب علاء ناجى، عضو مجلس النواب، أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تجرأ على اتخاذ مثل هذا القرار المؤسف بسبب ضعف الدول العربية، وسقوط أغلب جيوشها، فالجيش العربى الوحيد الذى مازال قائما هو الجيش المصرى.
وأضاف "ناجى" فى تصريحات لـ"اليوم السابع" الوضع الحالى للدول العربية مؤسف للغاية، وعلينا أن نعترف بعضنا قبل أن ندين ونشجب، مضيفا: "ماحدث يدعونا للاعتراف بالحالة المزرية التى وصلنا لها ثم نبدأ فى تصحيحها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة