لا توجد محطة فضائية واحدة فى مصر لديها برنامج دائم للأطفال، الاستثناء فى بعض المسلسلات الرمضانية التى أذاعتها مجموعة من المحطات خلال شهر رمضان المبارك، وبعدها لا نشعر باهتمام صناع الإعلام بهذا النوع من العمل التليفزيونى، نحن نترك أطفالنا فريسة لمؤسسات صناعة العقول فى الغرب، أطفالنا يحبون سوبر مان وسبايدر مان وبات مان وكابتن أمريكا وسنو وايت وأليس، أطفالنا يتسابقون على هذه الأفلام، ويهرولون إلى تقليد الأبطال الغربيين الذين تصنعهم هوليوود بعناية، ليس للإمتاع فقط، ولكن لإعادة ترتيب عقول العالم منذ الطفولة.
أين نحن من كل ذلك؟
كان لدينا «بكار» و«بوجى وطمطم» و«بقلظ»، بإمكانيات محدودة ومبادرات إبداعية فردية، ولم يكن لدينا يومًا خلال الخمسين عاما الماضية مشروع استراتيجى للأطفال، ومؤسسات تعمل منهجيًّا على زرع الانتماء والقيم العروبية والثقافية فى مصر داخل عقول أطفالنا، نحن نتركهم مُستلَبين فكريًّا أمام أفلام لا علاقة لها بثقافتنا وديننا وهويتنا، ثم حين يبلغون المراهقة نسلمهم طوعًا للسينما الغربية وفيس بوك وإنستجرام، لتنشأ أجيال لا علاقة لها بمفردات الهوية المصرية والعربية.
إذا كنا نتحدث عن تهديد للدولة الوطنية فى العالم العربى، فإن مواجهة هذا التهديد تبدأ من الطفل أولا، تبدأ من أغنية الطفل، ودراما الطفل، وسينما الطفل، وعرائس الطفل، المواجهة تبدأ من هنا، والمبادرات التى نشاهدها متقطعة خلال شهر رمضان المبارك ينبغى أن تتحول إلى استراتيجية شاملة للدولة المصرية وتتحالف كل وسائل الإعلام لرصد ميزانيات إنتاج كبيرة لإنتاج أعمال إبداعية فى مجال الطفل المصرى، ولا أشك فى أن انطلاق هذه البداية من مصر ستنعكس إيجابًا على مختلف عواصم العالم العربى، وفى الوقت الذى ندعو فيه وسائل الإعلام ومؤسسات الإنتاج لهذه المهمة، فإننا ندعو أيضا المعلنين المصريين إلى توجيه إعلاناتهم لهذا النوع من الإنتاج، حمايةً لمصر وهويتها، لا معنى لاستمرار الإعلانات الكثيفة على برامج الرقص والطبل والإثارة، والانصراف عن توجيه الإعلانات لبرامج الأسرة المصرية والطفل المصرى، وتوجيه سوق الإعلانات نحو هذه الوجهة سيساعد مؤسسات الإنتاج على المنافسة بأعمال إبداعية مهمة تنافس هذا الغزو الفكرى المنظم الذى تتعرض له بلادنا من المهد وحتى نهاية الحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة