ذكرياتهم مع الشهداء لا تنسى، فكل أثر تركوه بين جنبات المدرسة من أوراق تحمل خطوطهم، ومقاعد كانت مجلسهم فى محراب العلم.. هذا هو حال المعلمين والطلبة فى مدرسة الروضة الثانوية بشمال سيناء، التى كان نصيبها من شهداء الروضة، 4 طلاب ومدير المدرسة ومعلمين اثنين.
اليوم الدراسى فى مدرسة الروضة الثانوية التى كل قوامها 45 طالبا موزعين على 3 فصول، يختلف عن أى يوم دراسى آخر فى مدارس مصر، فالطلبة يعيشون مرارة ذكريات زملاء لهم كلما شاهدوا أثرهم.
بخط اليد كتبت كلمة "الشهيد"، يعلوها خطان مائلان متوازيان فى إشارة للحزن والحداد، على لافتة تعريف تعتلى سطح مكتب وتحمل اسم "محمد سليم سلمان" مدير المدرسة، وحول المكتب يجلس المعلمون بعد انتهاء حصصهم، أمام المكتب، وكأن الكرسى الخالى من الجالس عليه حاضرا بينهم، وخلفهم لوحات تشير لتوزيع الحصص وأنشطة وتعليمات إدارية تحمل توقيعه.
تقول منال البيك، وكيل المدرسة، إن مقعد الشهيد "مقدس"، ومكتبه لا نستطيع الاقتراب منه، ونخلد ذكراه أن نكون أكثر ثباتا وقوة ونشد أزر أبنائنا الطلبة والطالبات، فهم فى هذا المكان ثروة والقرية تحتاجهم.
تضيف فاطمة محمد، مدرسة لغة عربية: "هنا كان يجلس ويدير المدرسة وكان حازمًا وإداريًا من طراز خاص فهو ابن القرية وحريص على أن يخرج من بين أبنائها ما يفيد المجتمع، وكان دائم التوجيه للمعلمين أن يكونوا أصدقاء للطلبة وليس فقط معلمين، وكانت هذه نصائحه لنا قبل أن نعلم خبر استشهادة، برفقة زميلين آخرين، و4 من طلبة المدرسة.
وقال " موسى شميط " رئيس مجلس الأمناء فى المدرسة، أن الشهيد، كان أحد رموز القرية ومن خير حملة لواء العلم، عاش مكافحا ونال تعليمه فى ظروف صعبة وظل حافظا للعلم حريصا على تعليم أبناء القرية وتدرج فى مدارسها حتى وصل لمنصب مدير المدرسة الثانوية وله وقفات لا تنسى مع الطلبة لتشجيعهم أثناء دراستهم حتى بعد تخرجهم.
"هنا كان يقف معلمنا الشهيد مصطفى عامر، أستاذ الرياضيات".. هكذا قال أحد الطلبة، وهو يشير لخطوط معادلات ومصطلحات لا تزال مكتوبة على سبورة إحدى الفصول.
يضيف الطالب، أن الأستاذ "مصطفى"، كان معروفًا بأخلاقه الحميدة، لا يترك الفصل إلا بعد أن يتقين أن المعلومة وصلت لكل طالب، وإذا كان هناك تعثر لأحدنا فى الفهم ينتظره بعد انتهاء اليوم الدراسى، وكل شاغله وصول المعلومة للطالب، ويحدثنا عن ضرورة أن نتخذ نموذجا للسير على خطاه.
خربشات ورسومات وخطوط على سطح "التخت" لا تزال لم يجف حبرها، كتبها الطلبة الشهداء فى الصف الثانى الثانوى بالمدرسة، والذين كانوا يجلسون بجوار بعضهم فى مقاعد الدراسة، وهم عبدالخالق مصطفى ومحمود محمد على وأحمد محمد موسى، وإسماعيل موسى.
يقول محمد شلبى، مدرس اللغة الإنجليزية بالمدرسة، معلم فصل الشهداء، إنهم كانوا من أذكى الطلبة، ولا يمكن أن ننساهم، لخفة روحهم وتميزهم بروح الدعابة، ولا يمكن أن ننسى أماكنهم بيننا ويقيننا أنهم فى مكان أرقى وأسمى.
أضاف زميلاهم "يحيى وأحمد" أنهم جميعًا تربطهم صداقة وزمالة، ومن المصادفات أنه قبل حادث الروضة، واستشهاد زملائهم أقيمت احتفالية وتكريم للمتفوقين وكان من يكرمهم مدير مدرستهم الذى استشهد، وألقى الطالب مصطفى عبدالخالق قصيدة يشير فيها لعقاب من يعتدى على مصر .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة