فى الوقت الذى استطاعت فيه إيران السيطرة على عقول حكام قصر "الوجبة" بالعاصمة القطرية الدوحة، وتحريك "تنظيم الحمدين" - الحاكم الفعلى للإمارة الخليجية – حسب أهوائها ومصالحها، نجحت طهران أيضا فى السيطرة على جميع مفاصل الاقتصاد القطرى والاستحواذ على مقدراته والتحكم فى جميع قطاعاته.
ولا تتوقف محاولات النظام الإيرانى، عن التغلغل فى اقتصاد قطر، التى تكبدت خسائر اقتصادية فادحة بعد نحو 6 أشهر من المقاطعة العربية التاريخية، التى تفرضها الدول الأربعة الداعية لمكافحة الإرهاب على الدوحة منذ يونيو الماضى، بل زاد تزايد التوسع الإيرانى فى الأسواق القطرية من أجل السيطرة على قطاعات الاتصالات والنقل والصناعات الغذائية.
وحسب وسائل إعلام إيرانية، فقد بدأ الإيرانيون استغلال السوق القطرية، مع بداية إجراءات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب ضد قطر، بتصدير المنتجات الفاقدة لمعايير الجودة والبضائع ذات التغليف غير الصحى والمواد الغذائية التالفة والسامة.
وفى تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تريبيون" الإيرانية على موقعها الإلكترونى، ونقلته وسائل إعلام إماراتية، قالت إن طهران صدرت سلعا غير نفطية بقيمة 139 مليون دولار إلى قطر خلال الأشهر السبعة حتى 22 أكتوبر، مسجلة زيادة ملحوظة بلغت 117.5٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، وفقا لبيانات إدارة الجمارك الإيرانية "إيريكا".
الاستحواذ على سوق المواد الغذائية
وأشارت الصحيفة الإيرانية إلى أن منتجات البيتومين والمواد الغذائية والزراعية تمثل الجزء الأكبر من الصادرات، حيث بلغت قيمة صادرات البيتومين 28 مليون دولار، وهى نسبة أعلى بكثير من قيمة صادرات السلع الأخرى، التى تم شحنها من إيران إلى قطر خلال هذه الفترة.
وإلى جانب البيتومين، بلغت قيمة صادرات الطماطم 6.61 مليون دولار، والحليب والقشدة 4.1 مليون دولار، والخيار 3.9 مليون دولار والبطيخ 3.8 مليون دولار من بين أكبر الصادرات الإيرانية إلى قطر.
وسجلت صادرات إيران الرئيسية إلى قطر فى السنة المالية الأخيرة بما فى ذلك الإسمنت والفستق والزعفران نموا طفيفا هذا العام على الرغم من أن حصتها من إجمالى الصادرات لم تعد كبيرة بعد الآن.
وتشير بيانات إدارة الجمارك الإيرانية إلى نمو مطرد فى قيمة الصادرات غير النفطية إلى قطر خلال الأشهر الأربعة الأولى بعد المقاطعة العربية، وشهدت الصادرات نموا ملحوظا خلال شهر أكتوبر الماضى.
كما صدرت إيران منتجات غير نفطية بقيمة 50 مليون دولار إلى قطر خلال شهر واحد، مما يدل على زيادة طفيفة بلغت 5 أضعاف على أساس سنوى.
ويشير النمو فى الشهر الأخير إلى أن المصدرين الإيرانيين وصانعى السياسات تمكنوا من معالجة بعض المشكلات التى تعرقل الصادرات إلى قطر.
وكان وزير الخارجية القطرى الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى أقر فى سبتمبر الماضى أن المقاطعة الاقتصادية على الدوحة تدفعها إلى إيران.
السيطرة على قطاع النقل
وازداد دور حركة الشحن عبر الطريق البحرى فى الإمارة، حيث أكد عدنان موسابور عضو لجنة التصدير فى غرفة التجارة والصناعة والتعدين الإيرانية أن المصدرين ليس لديهم أى مشكلة فيما يتعلق بالنقل والتأشيرة، وقال فى تصريحات صحفية أن "معظم خطوط الشحن الإيرانية حولت الآن خدمات النقل إلى قطر".
وتعتزم "تورانج داريا للشحن"، أكبر شركة شحن خاصة فى إيران، توسيع أعمالها فى قطر، وتتوقع الشركة أن تتزايد التجارة بين قطر وإيران فى الأيام المقبلة، الأمر الذى سيؤدى إلى زيادة وتيرة شحناتها القادمة من قطر.
وقال مدير الشركة أمير خانى فى تصريحات لصحيفة "ذى بينينسولا" القطرية: "الآن لدينا الرغبة والخطة للاستيراد والتصدير من قطر، إننا نريد توسيع نطاق أعمالنا فى قطر".
وقال مسعود خياط زاده رئيس غرفة التجارة، أن الغرفة تجرى محادثات مع شركات قطرية كبرى لإقامة رصيف حصرى فى قطر للسلع الإيرانية فى محاولة لتسهيل النقل إلى الدولة المجاورة.
وبحسب وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيرانى عباس أخوندى، شكلت الدولتان لجنة مشتركة لتعزيز التعاون فى مجال النقل الجوى والبحرى خلال زيارة وزير النقل القطرى جاسم سيف السليطى إلى طهران فى أواخر أكتوبر الماضى، كما تعمل الدولتان على تشكيل ممر خاص لتيسير نقل البضائع من إيران إلى قطر.
الخطوط الجوية القطرية
وفى الوقت نفسه، تستخدم تركيا وأذربيجان إيران كطريق برى للتصدير إلى قطر، لسد الفجوة فى السوق بعد اندلاع الأزمة الخليجية.
وبحسب محمد بن مهدى الأحبابى، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر، فإن الطريق البرى بين تركيا وقطر عبر إيران يقلل من تكلفة نقل البضائع بنحو 80٪ بالمقارنة مع الشحن الجوى.
وقد سهلت الحكومة القطرية رحلات رجال الأعمال الإيرانيين بإصدار تأشيرات لمدة 6 أشهر، وقد أدت هذه الخطوة إلى ارتفاع الطلب على رحلات العمل إلى قطر فى الأسابيع الأخيرة.
العلاقات المصرفية
وشهدت العلاقات المتبادلة بين مصارف البلدين تحسينات على الرغم من أن العلاقات لم تنشأ بصورة كاملة، وأشارت تقارير إلى أن بنك "صادرات إيران" يعمل على تعزيز عمليات فرعه فى الدوحة للمساعدة فى حل مشكلات المعاملات التى تواجه المصدرين الإيرانيين فى قطر.
وقال سيافاش زراعاتى الرئيس التنفيذى للبنك: "يمكننى أن أقول للمصدرين الإيرانيين إننا توصلنا إلى اتفاقات وتم اتخاذ خطوات فعالة لحل مشكلاتهم المصرفية".
وفى الوقت الراهن، "بنك صادرات إيران" هو المقرض الإيرانى الوحيد بفرعين فى الدوحة.
بدوره قال محمد رضا حسين زاده الرئيس التنفيذى لبنك ملى إيران فى مقابلة مع "فايننشال تريبيون" فى وقت سابق أن البنك يجرى أيضا محادثات مع أحد أكبر البنوك فى قطر لإقامة علاقات متبادلة، دون ذكر اسم المقرض القطرى.
علاقات تاريخية طويلة
وقالت وسائل الإعلام الإماراتية أنه فى إطار السعى لمعالجة المشكلات الرئيسية فى طريق التجارة بين البلدين، يملك المصدرون الإيرانيون وصانعو السياسات مساحة أكبر للتركيز على إقامة وجود طويل فى السوق القطرى.
ويطالب خبراء إيرانيون حكومتى البلدين بالعمل من أجل التوصل إلى اتفاقية تجارة تفضيلية من شأنها المساعدة فى إقامة علاقات تجارية دائمة.
وكانت مجموعة "شيرين عسل الصناعية للأغذية، أكبر شركة الحلويات فى إيران، أعلنت مؤخرا عن خطة لدخول سوق التجزئة فى قطر، حيث قال حسين محفوظى المدير التنفيذى لصادرات الشرق الأوسط: "لقد قمنا بالفعل بدراسة السوق فى قطر ولحسن الحظ هناك طلب على المنتجات الإيرانية.
وتبلغ قيمة مبيعات الشركة نحو 5 مليارات دولار سنويا، وتصدر منتجاتها إلى 75 بلدا وهى المجموعة الوحيدة المتكاملة لإنتاج الحلويات الإيرانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة