"الحيوانات" تهدد بتراجع الجامعات المصرية فى التصنيف العالمى.. التجارب على الفئران تقتل أبحاث المصريين بجامعات العالم.. ورئيس "أخلاقيات القاهرة": لن ينشر بحث دون موافقة اللجنة بعد الآن.. والأعضاء: ثقافة غائبة

السبت، 09 ديسمبر 2017 07:10 م
"الحيوانات" تهدد بتراجع الجامعات المصرية فى التصنيف العالمى.. التجارب على الفئران تقتل أبحاث المصريين بجامعات العالم.. ورئيس "أخلاقيات القاهرة": لن ينشر بحث دون موافقة اللجنة بعد الآن.. والأعضاء: ثقافة غائبة تجربة على فأر - ارشيفية
كتبت – منى ضياء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عندما يتحدث العالم لغة واحدة، لابد أن نتعلم هذه اللغة ونتقنها حتى نكون قادرين على الحوار، وإذا تعلق هذا الأمر بمجال البحث العملى فلا مجال هنا للتراجع أو التباطؤ، فقبل أعوام طويلة عرف المجتمع العلمى فى دول العالم المختلفة أخلاقيات استخدام حيوانات التجارب فى البحث العلمى.

 

ولسنوات طويلة ظلت هذه الثقافة بعيدة عن معرفتنا وممارساتنا فى مصر، حتى أصبح الموقف صعبا الآن لأنه لن يمكن لأى باحث فى مصر تسجيل ونشر بحثه العلمى الذى يستخدم فيه حيوانات التجارب دوليا بدون اتباع المعايير العالمية فى هذا الشأن والحصول على موافقة لجنة أخلاقيات رعاية واستخدام حيوانات التجارب المنشأة لهذا الغرض، وهو ما يهدد بتراجع التصنيف العملى للجامعات المصرية حال عدم الالتزام بهذه المعايير.

 

فى عام 2011 رشحت إحدى الباحثات المصريات وهى الدكتورة سهير فهمى الأستاذة بكلية العلوم جامعة القاهرة، إلى جائزة لوريال التى تمنحها مؤسسة اليونسكو للمرأة، وذلك عن بحث حول استخدام أصداف ذوات المصراعين "أم الخلول" كمصدر للكالسيوم لعلاج مرض هشاشة العظام، واستخدمت "الجرذان" كحيوانات تجارب فى هذا البحث، بحسب رواية الباحثة لليوم السابع.

 

تلقت الباحثة مكالمة تليفونية من مكتب اليونسكو فى القاهرة لتهنئتها بالجائزة بعد الترشيح وطلب منها عرض البحث أمام لجنة تابعة للهيئة بالقاهرة، وبعد قيامها بالعرض حاز على إعجاب الجميع، ولكنهم سألوها: أين موافقة الـ IACUC؟ كان السؤال غريبا على مسامع الباحثة النشطة وكان ردها: "ماذا تعنى هذه الموافقة؟"

 

كانت الدهشة أيضا من نصيب اللجنة العلمية التى شرحت لها أن هذا يعنى أن البحث حاصل على موافقة أخلاقية لاستخدام حيوانات التجارب، وهو شرط لا يخلو منه أى بحث علمى يستخدم حيوانات التجارب، وهو ما تنص عليه الدساتير العلمية الدولية التى وافقت عليها دور النشر العالمية فى العالم، وهى تعد دساتير أخلاقية تسمى "COPE" و"ARRIVE"، ولا تقبل دور النشر العلمية العالمية نشر أى بحث علمى بدون موافقة لجان أخلاقيات استخدام حيوانات التجارب، التى يطلق عليها IACUC.

 

وبسبب عدم وجود هذه الموافقة التى لم يكن الباحثون المصريون على دراية بها، خسرت أستاذة كلية العلوم الجائزة التى كانت تقدر قيمتها المالية وقتها بحوالى 100 ألف دولار، وخسرت التكريم، لسبب لم تكن تعلمه على الإطلاق.

 

هذا الموقف كان مجرد البداية، حيث تم رفض نشر العديد من الأبحاث العلمية المصرية فى المجلات الدولية لأنها لم تحصل على موافقة لجان أخلاقيات استخدام حيوانات التجارب، ولا يوجد حصر بعدد الأبحاث المرفوضة ولكن الرفض لم يقف حتى بعد تشكيل لجنة متخصصة فى مصر منذ عام 2012، لأن الباحثين مازالوا يتجاهلون وبعضهم لا يعلمون أن الوقت قد ضاق لتفعيل هذه اللجنة فى مصر، لأنه لن ينشر أى بحث علمى يستخدم الحيوانات فى التجارب بدون هذه الموافقات اعتبارا من نهاية العام الجارى 2017.

 

ورغم صعوبة الموقف على الباحثة التى خسرت الجائزة والتكريم، إلا أنها كانت سببا فى بداية تشكيل لجنة لأخلاقيات رعاية واستخدام حيوانات التجارب فى كلية العلوم بجامعة القاهرة عام 2012، اتسع نطاقها لتشمل جامعة القاهرة عام 2014، وبصورة تطوعية تشرك الجامعات المصرية الأخرى لتوصيل هذه الثقافة ونشرها، للحيلولة دون رفض نشر الأبحاث المصرية العلمية وتدنى ترتيب الجامعات المصرية دوليا فى مجال الأبحاث المنشورة عالميا.

 

الدكتورة خديجة جعفر، رئيس لجنة أخلاقيات رعاية واستخدام حيوانات التجارب بكلية العلوم بجامعة القاهرة، قالت لـ"اليوم السابع": "كل يوم يترفض نشر أبحاث فى الخارج على قفا من يشيل بسبب عدم اهتمام الباحثين بالحصول على موافقة اللجنة"، وأضافت: "جميع أعضاء اللجنة يعملون بشكل تطوعى لخدمة البحث العلمى فى مصر ونسعى لنشر هذه الثقافة فى كافة الجامعات".


وقال الدكتور أحمد عفيفى الأستاذ بكلية العلوم وعضو لجنة أخلاقيات رعاية واستخدام حيوانات التجارب أن هذه اللجان نشأت عالميا لأنه فى حالة تعامل الأبحاث العلمية مع عينات بشرية لابد من الحصول على موافقة الشخص الذى تجرى عليه التجارب، ولكن فى حالة استخدام الحيوانات يجب التأكد من معايير رعايتها بالشكل الأخلاقى، وتمنح هذه اللجان الموافقة على إجراء البحث حيث توازن بين أهمية البحث وإخضاع الحيوانات للضغط والألم، وتشترط المجلات العلمية الدولية مثل "نيتشر" و"لانسيت" و"ساينس" هذه الموافقة لنشر الأبحاث.

 

ويوضح الدكتور محمد خالد المسلمى، وكيل كلية الطب البيطرى السابق بجامعة القاهرة وعضو لجنة الأخلاقيات، أنه مع بدء اهتمام جامعة القاهرة بنشر الأبحاث العلمية بالخارج لتحسين تصنيف الجامعات عالميا، بدأ الاحتكاك بهذه المجلات والاصطدام بهذه المعايير والتعرف عليها.

 

وتوضح رئيسة اللجنة: "لن يمكن لأى باحث مصرى نشر أبحاثه التى تستخدم الحيوانات فى التجارب، دوليا بدون هذه الموافقات، وسيقتصر نشرها فقط على محيط المجلات التى تصدر فى مصر فقط، وهذا خطر جدا علينا.. من الممكن أن تخرج الجامعات المصرية خارج الترتيب بسبب هذا الأمر".

 

ورغم جهود اللجنة المضنية فى هذا الموضوع منذ إنشائها قبل 5 سنوات، إلا أنها تواجه معوقات تتمثل فى عدم الاستجابة الكافية من الجامعات المختلفة خاصة فى ظل عدم وجود قانون أو تشريع ملزم بحصول الباحث على هذه الموافقات، مما قد يؤثر على العديد من الصناعات التى تعتمد على الأبحاث العلمية المستخدمة لحيوانات التجارب فى الأبحاث مثل صناعة الدواء، وعلاج الأمراض، وتطبيقات الخلايا الجذعية.

 

وأوضحت رئيس اللجنة أنها أعدت الدليل المصرى لأخلاقيات رعاية واستخدام حيوانات التجارب، وهو أمر متبع فى جميع بلاد العالم، كما أعدت اللجنة المصرية مشروع إنشاء المجلس القومى لأخلاقيات البحوث الحيوية التطبيقية التى من دورها إعداد تشريع قانونى، ومن المزمع استصدار قرار وزارى يتضمن إلزام المؤسسات التعليمية والبحثية الحكومية أو الخاصة بإنشاء لجان أخلاقيات رعاية واستخدام حيوانات التجارب فى التعليم والبحث العملى، وتوحيد النماذج "الطلبات المختلفة للتقدم بالموافقة على استخدام الحيوانات"، وإعداد الدليل المصرى لأخلاقيات استخدام حيوانات التجارب طبقا للمعايير الدولية، وهو ما نتج عن الاجتماع الذى عقد فى نهاية أكتوبر الماضى.

 

ومع كل هذه الجهود لا ينتظر سوى التفعيل وإلزام المؤسسات البحثية بتنفيذ هذه المعايير سواء من خلال قانون أو قرار ملزم، حتى لا تجد هذه المؤسسات نفسها خارج أى تصنيف عالمى بسبب هذا التجاهل، بعد أن قطعت شوطا فى العودة إلى التصنيف ضمن 500 جامعة على مستوى العالم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة