أيا كانت مخرجات القمة الخليجية التى عقدت بالكويت الثلاثاء الماضى، وسواء رضينا بها او اعتبرناها غير كافية، لكن مجرد عقدها يؤكد وجود رغبة قوية لدى دول الخليج للحفاظ على مجلس التعاون ككيان يجمعهم، وهو ما نجح فيه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذى تحدى جميع الظروف لكى يبقى المجلس قائما، فرفض كل المبررات التى كانت تشير كلها الى صعوبة عقد القمة هذا العام، لأسباب نعلمها جميعا، وإذا سار الوضع كما توقع الكثيرون لكانت سابقة خطيرة ربما ستكون شهادة الوفاة الحقيقة لمجلس التعاون، لكن الرجل بصبر وحكمة واجه هذه الظروف والتحديات، وقرر العمل على عقد القمة بأى مستوى تمثيل، لانه لا يبحث عن الشكل بقدر سعيه للحفاظ على المضمون، وهو ان يظل مجلس التعاون الخليجى صامدا فى وجه كل التحديات.
"لا بد وأن يبقى مجلس التعاون الخليجي بمنأى عن التأثر بأى خلاف"، هذه هى الرسالة القوية التى قالها أمير الكويت وخرجت بها الدورة ال٣٨ لقمة مجلس التعاون الخليجى، لكنها فى نفس الوقت تحمل الكثير من المعانى التى يجب على دول المجلس ان يدركوها جيدا، قبل ان يتفكك المجلس ويصبح من الماضى، فإذا كان الشيخ صباح استطاع بدبلوماسيته عقد هذه الدورة، فلا أحد يعلم الى أين ستسير الأمور مستقبلا خاصة اذا استمرت قطر على نهجها المعاكس والمخالف لكل الاعراف والتقاليد التى تربى عليها الخليجيين، مما دفع ثلاث دول منهم وهى السعودية والامارات والبحرين، بالاضافة الى مصر لقطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع الدوحة، الثابت دعمها للارهاب وتدخلها فى الشئون الداخلية للدول العربية، مستخدمة سلاح المال فى شراء الذمم المريضة التى لا يهمها ان تبقى الدول مستقرة بقدر اهتمامها ان تزداد حساباتهم البنكية، فاستمرار قطر فى نهجها الشاذ والمدمر يكتب شهادة الوفاة الحقيقة والرسمية ليس فقط لمجلس التعاون الخليجى، لكن ايضا قد يطال جامعة الدول العربية، خاصة فى طل المساعى القطرية الخبيثة لشراء دولا بعينها لتنضم لها فى مواجهة الموقف العربى القوى والموحد الرافض لكل سياساتها التدميرية فى المنطقة والتى تسببت فى العديد من الكوارث، كونها فتحت الباب على مصرعيه امام قوى إقليمية لكى تعيث فسادا فى المنطقة وعلى رأسها ايران التى منحتها قطر موطئ قدم لمناكفة دول الخليج، والأضرار بأمنهم، وما يحدث فى اليمن حاليا خير دليل على ذلك، فحادثة مقتل الرئيس السابق على عبد الله صالح على يد ميليشا الحوثي، اعتبرتها قطر انتصار لها، كونها احد الداعمين ماليا واعلاميا للحوثيين الذين يتحركون وفق اجندة إيرانية واضحة.
بالطبع تواصل الكويت مساعيها للوساطة، لكن دائما ما تجد أمامها تعنت قطرى أدى الى عودة الأمور الى نقطة الصفر فى كل مرة اقتربت فيها الكويت من التوصل لحل، فحينما يشتد القتال ويزداد سفك الدماء فى الأقطار العربية يرى تميم بن حمد نفسه الشخص المنتصر، فأفكاره هو ومن يحركونه فى تنظيم الحمدين تعتمد دائما على القتل والتخريب والتدمير، وهو ما يزيد الأمور تعقيدا ويفشل كل المحاولات للوساطة، وربما يكون ذلك هى السبب الذى دفع أمير الكويت لتبنى مقترح تشكيل لجنة لتعديل النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجى تكفل حل النزاعات بين دول المجلس قبل ان تستفحل، وان كنت اعتقد ان هذه اللجنة لن تجدى نفعا مع السرطان القطرى الذى اصاب الامة العربية بامراض شتى، بل الحل فى استئصال هذا المرض نهائيا لان العلاج فشل.
كل من شارك فى القمة الخليجية الاخيرة بالتأكيد أصيب بخيبة أمل من مستوى التمثيل بها، خاصة وان هناك قضايا كان يجب ان تكون مطروحة للنقاش بين قادة الخليج، خاصة وأنها جاءت قبل يوم من اعلان ترامب الكارثى بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وبعد يومان من مقتل على عبد الله صالح، ودخول اليمن نفق مظلم، لكن خيبة الأمل هذه تراجعت امام السؤال المهم، هل كان الأفضل عقدها وباى تمثيل ام الغائها وبالتالى نكون على بداية خط انهيار مجلس التعاون الخليجى، فى رأيى ان عقدها كان قرار زكى من القيادة الكويتية ويحسب لها، لكن فى نفس الوقت اعتقد ان دول الخليج عليهم دور مهم وخطير الايام المقبلة، وهو الإجابة على سؤال الى اين ستسير الأمور، خاصة وان هناك تبعات جديدة تتطلب وقفة من جانب الخليجيين لان كيانهم الموحد بالفعل مهدد، ومن هذه التبعات الاتجاه لالغاء بطولة الخليج لكرة القدم، وامور اخرى ستحدث لان الدول الثلاثة " السعودية وآلامارات والبحرين" لا يريدون التعاون مع قطر وهذا حق مشروع لهم، لذلك اعتقد ان المهمة ستكون غاية فى الصعوبة وتتطلب تفكير خارج الصندوق، وان كان بالتضحية بالعضو الفاسد حتى يبقى الجسد حيّا.
يوسف أيوب
الكويت انقذت التعاون الخليجى لكن الجسد ليبقى حيّا يحتاج الكثير
السبت، 09 ديسمبر 2017 10:00 ص
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة