أحمد إبراهيم الشريف

سيد حجاب.. سلطة الشاعر

الأربعاء، 01 فبراير 2017 07:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان عزاء الشاعر الكبير سيد حجاب، والذى أقيم فى مسجد عمر مكرم، بالتحرير، أول أمس، ملفتًا للنظر جدًا ودالًا ومعبرًا، ويحتاج إلى وقفات كثيرة لقراءته وتأمله، فقد كان الحاضرون بعددهم الكبير متعددى الاتجاهات والانتماءات يمثلون الشارع المصرى بكل فئاته وطوائفه.
 
فى العزاء حضر الجميع مثقفون وسياسيون ورجال دولة وفنانون وأناس عاديون، كثيرون ممن فرقتهم السياسة اجتمعوا فى العزاء على محبة سيد حجاب، بما يكشف أن الشاعر سلطة لا يملكها السياسيون، ولا يعرفون حتى كيف يحصلون عليها.
 
بالطبع قيمة شاعر مثل سيد حجاب معروفة، ولا تحتاج إلى موت أو عزاء حتى نعرفها، لكن الله سبحانه وتعالى، أمرنا أن نتأمل الأشياء طوال الوقت حتى نتعلم منها، لذا فإن عزاء سيد حجاب كشف لنا أنه يمكن أن تجمعنا أشياء وأشخاص نتفق جميعًا على دورهم ومحبتهم، بما يسمح لنا بأن نرى أنفسنا جميعًا على قلب رجل واحد.
 
كما أن هذا الحضور الطاغى، يجعل الواحد يعيد التفكير فى أشياء ومسلمات كانت متسلطة على عقله، منها أننا فى وقت ما كنا نستغرب تركيز سيد حجاب فى كتابة القصيدة الدرامية على حساب الديوان المنشور، لكننا اكتشفنا بعد ذلك أنه يملك وجهة نظر واضحة ومحددة، أثبت ما نحن فيه الآن من تقدم تكنولوجى صحتها، فالانتشار الآن صار أكثر لصالح «الصوت والصورة» حتى أن العمل الروائى الجيد الذى ينجح يتم تحويله إلى مسلسل أو فيلم، وقد كان سيد حجاب يدرك أن القصيدة التى يرددها الناس فى البيوت هى الأكثر استقرارًا فى وعيهم.
 
لذا عمد سيد حجاب إلى جعل «الأغنية هى ديوان المصريين»، حسبما كان يردد كثيرًا، وتنبه جيدًا لكلماته التى يعرف أنها تدون حالة العمل الدرامى وحالة المشاهد الذى يجلس أمام التليفزيون، لم يشأ أن يقول كلامًا والسلام، كان يعرف أنه سوف يأتى يوم تصبح فيه كلمات سيد حجاب واحدة من أهم التجارب فى ذاكرة أغانى الدراما.
 
كان سيد حجاب مدركًا للنفس ومواجعها، وعن تجربة شخصية عندما سمعت كلمات أغنية مسلسل حلم الجنوبى «يا وابور الليل يا رايح ومقبل ع الصعيد.. عاود لينا بروايح زمن الفرحة البعيد»، كنت أظن أن سيد حجاب صعيدى أبًا عن جد، وذلك لأنه استطاع أن يدرك علاقة الغربة التى يثيرها وجود القطار فى نفس الصعايدة.
 
أعاد سيد حجاب للأذهان سلطة الشعر، وقدرته على أن يصبح الموسيقى التصويرية لحياة المصريين، كان يعرف أنه بذلك يصنع سلطة للنص وسلطة للشاعر، يراهن على أن الجمهور المصرى ذواقة، يعرف الجيد والردىء، أى يمكن القول بأن سيد حجاب كان يصنع سلطته بوعى، عارفًا بأبعاد هذه الصناعة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة