فى سابقة هى الأولى من نوعها، تتصدر المشهد فى الولايات المتحدة الأمريكية، معركة "تكسير عظام" بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ومؤسسة القضاء، بسبب قرار "ترامب" المثير للجدل بحظر سفر مواطنى 7 دول ذات أغلبية مسلمة إلى الأراضى الأمريكية، والذى رفضته 3 أحكام قضائية حتى الآن.
بداية الأزمة
فى 28 يناير الماضى، أصدر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أمرا تنفيذيا يقضى بمنع المواطنين من (إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن) من دخول الولايات المتحدة لمدة 90 يوما، وشمل القرار أيضا منع كل اللاجئين من دخول البلاد لمدة 120 يوما باستثناء اللاجئين من سوريا الذين تم منعهم لأجل غير مسمى، وفى مقابلة تلفزيونية قال ترامب، إنه سيسعى لأن تكون هناك أولوية للاجئين المسيحيين الفارين من سوريا، بحسب "رويترز".
30 يناير، أعلن البيت الأبيض في بيان له، أن الرئيس الأمريكي أقال سالى ييتس من منصب وزيرة العدل بالوكالة، لرفضها تطبيق القرار، وبعد أقل من ساعة أقال ترامب المسؤول بالوكالة عن إدارة الهجرة والجمارك وعين بديلا عنه.
الثلاثاء 31 يناير، أعلن دونالد ترامب ترشيحه القاضى الفيدرالى نيل جورساتش لشغل المقعد الشاغر فى المحكمة العليا الأمريكية، الأمر الذى دفع مئات الأمريكيين إلى التظاهر فى محيط المحكمة للتأكيد على رفضهم للاختيار، وللتنديد بقرارات ترامب المتعلقة بمنع مواطنى سبع دول من دخول الولايات المتحدة.
وفى 3 فبراير الجارى، علق القاضى الفيدرالى جيمس روبرت العمل مؤقتا بالأمر التنفيذى الذى أصدره ترامب وحظر فيه على رعايا 7 دول السفر إلى الولايات المتحدة طيلة 90 يوما، وكذلك أمام اللاجئين من العالم أجمع.
إلا أن إدارة ترامب، ممثلة فى وزارة العدل الأمريكية، تقدمت بطلب لنقض هذا الحكم القضائى، وهاجمه الرئيس الأمريكى، واصفا اياه بـ"السخيف"، مضيفا: "سنفوز من أجل أمن أمريكا، وسيتم إلغاءه".
الأحد 5 فبراير، وبعد ذلك الحكم بيومين، أعلنت الدائرة التاسعة من محكمة الاستئناف الأمريكية، أنها رفضت طلب وزارة العدل بنقض حكم قضائى بتعليق حظر السفر.
وأمس الخميس 9 فبراير، أيدت محكمة استئناف أمريكية مكونة من 3 قضاة، بالإجماع، حكم التعليق المؤقت لقرار الرئيس دونالد ترامب بمنع مواطنى 7 دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة.
وقال القضاة الثلاثة، فى قرار محكمة الاستئناف الأمريكية:"إن الشعب الأمريكى لديه مصلحة فى التدفق الحر للسفر، وتجنب تشتيت العائلات، والتحرر من التمييز"، حسبما ذكرت شبكة "CNN" الناطقة بالغة الإنجليزية.
ويبدو من الأحداث، أن المحكمة الأمريكية العليا، على الأرجح، هى من ستحدد النتيجة النهائية للقضية، وقال البيت الأبيض إنه ليس لديه أى تعليق فورى.
ترامب وإدارته يتعهدون باستمرار المعركة
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، قال أثناء توقيعه القرار، المثير للجدل، في مقر البنتاجون: "لا نريدهم هنا، نود أن نضمن أننا لا ندخل بلادنا التهديدات نفسها التي يحاربها جنودنا بالخارج".
وبعد صدور قرار محكمة الاستئناف، وصفه بـ"قرار سياسي" وتعهد بأن تكون الغلبة لإدارته فى نهاية المطاف.
وقال ترامب لصحفيين تجمعوا خارج مكتب سكرتيره الصحفى "سنراهم فى المحكمة .. أمن أمتنا فى خطر.. هذا قرار سياسى.. لا أرى الحكم انتكاسة كبيرة لإدارتى، مجرد قرار تم إسقاطه لكننا سنكسب القضية".
كما أن وزير الأمن الداخلى الأمريكى، جون كيلى، قد برر فى شهادة أمام الكونجرس الثلاثاء الماضى، القرار، بقوله " الحظر ليس ضد المسلمين، وإنما ضد الدول الفاشلة أمنيا، والتى ليس لديها سجلات أشخاص صحيحة وفى حالة فوضى"، موضحا أن الدول غير الموجودة بالقائمة هى تلك التى لديها أنظمة أمنية قوية، مستشهدا بـ"مصر والسعودية والإمارات ولبنان".
كانت وزارة العدل قد جدّدت دفاعها عن المرسوم الرئاسي الذي أصدره ترامب، ودافعت عن حقه في إصدار ما وصفتها بـ"القرارات التي تحافظ على الأمن القومي للبلاد".
وقال بيان صادر عن الوزارة في 15 صفحة، إن المرسوم حق "مشروع" يندرج في إطار سلطات الرئيس، ولا يستهدف المسلمين بالأساس.
وأوضح محام يمثل الحكومة للمحكمة في سان فرانسيسكو، أن الأشخاص القادمين من البلدان المعنية يشكلون خطرا حقيقيا.
وطالب محامو الإدارة الامريكية المحكمة بإعادة العمل بهذا المرسوم، مؤكدين أن الكونجرس خول الرئيس سلطة اتخاذ التدابير اللازمة لتحديد من يمكنهم دخول البلاد.
وعندما طلبت المحكمة منهم توضيح الأسباب التى جعلتهم يعتقدون أن مواطنى الدول السبع يشكلون خطر على الأمن الأمريكى، قالوا إن بعض الصوماليين المقيمين في الولايات المتحدة لهم علاقات بتنظيم الشباب المرتبط بتنظيم القاعدة.
مخاوف وتداعيات قرار حظر السفر
صحيفة نيويورك تايمز، قالت إن قرار تجميد طلبات التأشيرة ووصول اللاجئين إلى الولايات المتحدة من 7 دول إسلامية كبيرة، كان له صدى مدويا حول تداعياته الدبلوماسية الهائلة، وإساءته لمفاهيم الأمريكيين، كما أنه يقدم دفعة دعائية للجماعات الإرهابية التي يقول ترامب إنه يحاربها.
وقالت الصحيفة الأمريكية، في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، إن القرار الذي وقع عليه ترامب، ويطال إيران وسوريا وليبيا والعراق والسودان واليمن والصومال، أثار مخاوف بأنه "خيانة للأصدقاء" و"تعزيز للأعداء".
وأضافت أن موقف ترامب كان واضحا منذ الأيام الأولى لحملته الانتخابية عندما تعهد بإغلاق كامل وتام لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكي منذ ذلك الحين خفف لهجته، قبل أن يوقع قراره ،كطريقة لإبقاء الإرهابيين وليس المسلمين خارج الولايات المتحدة.
لكن خلال العديد من المقابلات مع عشرات المسؤولين والمحللين ومواطنين عاديين في أنحاء الدول ذات الأغلبية المسلمة، أشارت الصحيفة إلى موافقة كبيرة على أن قرار ترامب يحمل استفزازا، حيث يشير إلى أن الرئيس الأمريكي يرى الإسلام نفسه المشكلة.
وقالت الصحيفة إنه لسنوات كانت السياسة الأمريكية في معظم بلدان العالم الإسلامي ممارسة للبراجماتية البحتة، محاطة بأخلاقيات المعاملات وسفك الدماء في عدة حروب، وحتى في عهد جورج بوش وباراك أوباما وإطلاقهما لعمل عسكري أو ضربات سرية، فإنهما كانا يؤكدان علنا على التزامهما بالتسامح الديني، وأن الولايات المتحدة ليست فى حرب على الإسلام.أما الآن، فحسب بعض أكثر السياسيين الأمريكيين خبرة في الدبلوماسية العربية، يقع هذا العهد في خطر فضلا عن العلاقات الأمريكية مع الأشخاص الذين تسعى أن تكون صديقة لهم.
أما ريان كروكر، الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة في 5 دول عربية بينها أفغانستان والعراق ولبنان خلال 1990 و2012، فأكد أن "تنظيم داعش يقول إنه يقود الحرب على الولايات المتحدة.. والآن كل ما عليهم هو إبراز البيانات الصحفية الخاصة بنا لإثبات ذلك".
وأوضح كروكر أن قرار ترامب التنفيذي سينفر النخبة الموالية للغرب، الذين يتجه إليهم الأمريكيون للمساعدة في الدول الإسلامية، مضيفا أن القرار أيضا يخرق وعود الولايات المتحدة للذين خاطروا بحياتهم لمساعدة الجنود الأمريكيين أو الدبلوماسيين.
مخاوف قطاع الأعمال
شركة "مايكروسوفت"، قالت -في بيان لها عقب القرار، إن التغييرات في سياسات الهجرة الأمريكية التي تعرقل تدفق هذه المواهب (في إشارة إلى العقول الآسيوية اللامعة) قد تحول دون الاستمرار فى البحث والتطوير”.
كما أوضح الرئيس التنفيذي لشركة “جوجل” سوندار بيتشاي، وهو كفاءة علمية أمريكية من أصل هندى، أن قرار ترامب يؤثر على أكثر من مئة موظف في الشركة، وتسبب فى تحميل الموظفين تكاليف شخصية مؤلمة.
مشاهير الفن والغناء ضد قرار ترامب
الرفض الواسع لقرار ترامب وصل لمشاهير التمثيل والغناء، حيث تصدرت نجمة تلفزيون الواقع كيم كاردشيان، قائمة الفنانين العالمين الذي عبروا عن رفضهم لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن منع مواطني سبع دول عربية وإسلامية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية.
ونشرت "كارداشيان" إحصائيات توضح أن اثنين فحسب من الأمريكيين يُقتلون سنويًا على يد "مهاجرين جهاديين إسلاميين"، مقارنة بنحو 11000 شخص يُقتلون، نتيجة عنف مُسلّح على أيدي أمريكيين آخرين، على حد قولها.
فيما عبّرت المغنية الأمريكية ريهانا، عن غضبها الشديد تجاه قرارات ترامب، وكتبت عبر حسابها الشخصي على موقع تويتر"أشعر بالاشمئزاز لسماعي هذه الأخبار، أمريكا تُدمَّر أمام أعيننا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة