"أنا طلعت غلطان كان لازم أسيبهم فى مكانهم"، بعد إيه، بعد إيه ؟.. صرخة الرئيس السادات فى خطاب علنى، جاءت متأخرة بأنه "طلع غلطان" فى العفو عن الإخوان، وإخراجهم من السجون، فقد ظن أنهم سيكونون سنده وحليفه، ضد اليساريين والشيوعيين والناصريين، فكانوا ضده وليس معه، وتآمروا عليه ولم ينصروه، ورغم ذكاءه ودهاءه وحنكته، إلا أنهم دفعوه دفعا لاتخاذ قرارات 5 سبتمبر، واعتقال رموز العمل السياسى والحزبى والإعلامى والدينى، وأُسدل الستار على مشهد المنصة، والسادات يقف بجرأة وشجاعة ويصرخ فى وجه قاتله خالد الإسلامبولى، وهو يصوب نحوه رصاصات الغدر "هتعمل إيه يا ولد" ؟ .
خطيئة السادات أنه وثق فى قدرته على ترويض الشيطان، فاكتشف بعد فوات الأوان أنه أخطأ التقدير والحساب، فأراد أن ينقذ وطنه من الضياع باعتقالات عنيفة شملت كل خصومه السياسيين، فدفع حياته ثمنا للخطأين "الصفقة" و"الاعتقالات"، ولأننا شعب يجيد جميع فنون النسيان فقد عاد الإخوان وروجوا بين الناس، إنهم طيبون و"بتوع ربنا"، وضحايا القمع والإقصاء والظلم، وقفزوا على 25 يناير، وغرسوا أنيابهم وأظافرهم فى رقبة الوطن حتى كاد أن يختنق، وأنقذنا "الله" و"الشعب" و"الجيش" و"الرئيس" .
" لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين"، ولكن يحلو للبعض أن يجرنا لنفس الجُحر، ويزينون الخدعة بعبارات المراجعة والمصالحة وحقن الدماء، و"إقرارات التوبة" للعفو عمن "لم تلوث" أيديهم بالدماء، دون أن يقولوا لنا لماذا دخل هؤلاء أساسا السجون؟.. وتعددت التصريحات الاستكشافية لإفساد عمل نبيل، هو مبادرة العفو الرئاسى عن شباب دفعتهم الحمية الحماسية، لارتكاب أعمال ضد القانون فدخلوا السجن ويستحقون العفو والتسامح، وليس الإفراج عن شباب الإخوان، الذين كانوا وقودا للعنف والتحريض والحرق والتخريب.
الخدعة لن تنطلى إلا على من يصنعها ويروج لها، و"الجُحر" مازال مفتوحا والـ"لدغة" مازالت تؤلم، والإرهاب الكامن فى العقول ليس مجرد أفكار مكتوبة بقلم رصاص، ويسهل مسحها بأستيكة أو بجلستين مراجعة وإقرار توبة، "مكنش حد غلب"، فالمراجعة تبدأ من "علٍ" بوقف الحرب القذرة التى يشنها ثعالب الإخوان وعواجيزهم وشبابهم، على مصر فى الداخل والخارج، وأن يعترفوا بأن الشعب صاحب السيادة والشرعية، هو الذى يختار من يحكمه، وأن أمنه واستقراره واستقلاله خط أحمر، وأننا دولة يحكمها القانون وليس المرشد والسيف والجلاد.. أما وسطاء التوبة فأرجوهم ألا يفسدوا مبادرة العفو الرئاسى.. ضعوها فى إطارها التسامحى النبيل، وسيبكم من خدعة "غُرر بهم " .