قصص رواها كثيرون، وكتبوها على صفحاتهم بمواقع التواصل. يتحدث صديقان حول جهاز معين «مروحة، ثلاجة»، وبعد قليل يفتح أحدهما أو كلاهما «فيس بوك» ليجد إعلانات عن نفس السلعة التى كانا يتكلمان حولها. شاب وزوجته توقفا فى أحد محلات الجملة الكبيرة، أمام فرن كهربا، وتناقشا حول سعره وانصرفا من دون أن يشترياه، وصل الشاب لمنزله فتح صفحته، وجد إعلانات عن نفس الجهاز الذى كان يتفرج عليه وبأسعار أقل مما كان مطروحًا، وأبدى دهشته كيف وصل إعلان لسلعة كان يتحدث حولها، ولم يكلم أحدًا فى التليفون ولم يتبادل أى حوارات مع البائع.
صديق آخر، على «فيس بوك»، قال إنه ركب تاكسى ولم يتبادل أى حديث مع السائق، وما أن فتح «فيس بوك» حتى وجد صورة السائق، يرشحها له « فيس بوك» كصديق. رابع كان ينصح صديقًا بمشاهدة فيلم، ووجد إعلان الفيلم محور الحديث على صفحته. كنت أتحدث مع زميل حول نفس الموضوع، وفى اليوم التالى، قال لى «إنه كان يحدث زميله عن الدفايات فى أيام البرد الماضية، ويقول له الموضوع «لازم له» دفاية، وتلقى اتصالًا من شركة أجهزة كهربية تعرض عليه دفايات بالتقسيط».
الواقع أن مجرد حمل موبايل ذكى، وحساب فى جوجل، يجعل المواطن العالمى على الهواء. لم يعد فى الأمر سرًا، إن الشبكات متصلة ببعضها، فى عصر الاتصالات، والتواصل، وهناك برامج تربط وتحلل البيانات والمعلومات.
عندما كتب «جورج اورويل» روايته الأشهر 1984، عن «الأخ الأكبر الذى يراقب المواطن أينما حل، وعيونه التكنولوجية تتابع المواطن فى عمله وصالة منزله، وفى مطبخه، وتحسب انفعالاته ومزاجه، واستهلاكه. اورويل كان يقصد النظام الشيوعى الستالينى، لكنه لم يكن يعرف أن المعسكر الشيوعى نفسه سينهار، ليصبح الأخ الأكبر هو نظام عالمى متواصل ببعضه، تحكمه جحافل التسويق والبيع ببرامج تتحكم فى كل حركة.
والأخ الأكبر فى الواقع لا يبذل جهدًا فى الحصول على المعلومات، المواطن يحصل على خدمات مجانية، من «جوجل وفيس بوك»، يمارس حريته وينشر صوره وتحركاته. ويقدم هذه المعلومات علنًا، وتصبح متاحة لآلاف وربما ملايين، وبالتالى فإن المواقع والشركات لاتحصل على المعلومات غصبًا، ويحللون ما وضعت يديه. ليبيعوا ويسوقوا منتجات أو أفكارًا. ضمن شبكة نحن نصفها بالعنكبوتية. وهو ما ينطبق عليه الأغنية الشهيرة «إن راح منك ياعين.. هيروح من فيس بوك فين» ومازال عالمنا يحوى الكثير من المفاجآت.