منذ فترة طويلة بدأت الأفلام المركبة تمثل ظاهرة فى السينما العالمية، المخرجون يريدون أن يقدموا شيئا «ملحميا» لأن المسابقات الكبرى مثل الأوسكار وجولدن جلوب والمهرجانات العالمية تحبها وتختارها لتمنحها جوائزها، لذا صاروا يقدمون الأمر السهل فى صورة صعبة، لكن هذا العام جاء فيلم «la la land» لينافس فى كل ذلك بطريقة ناعمة جدا.
يعتبر فيلم «la la land» عودة مرة أخرى للأفلام التى نعتبرها «حالة» تسيطر عليك وتتأثر بها شئت أم أبيت، يحكى الفيلم عن الحلم ورؤية الذات ورؤية الآخر، لكن بطريقة موسيقية لا تعتمد العنف، بل تراهن على «الرومانسى» الكامن داخل المشاهد.
هنا رجل وامرأة يطاردان حلميهما، هى تريد أن تصبح ممثلة ذهبت إلى العشرات من «تجارب الأداء»، وهو عازف بيانو موهوب يحلم أن تصبح لديه فرقة لموسيقى الجاز، التى يعرف جيدا أنها تحتضر وأنها أصبحت مجرد خلفية مكررة تعزف فى الحانات، بينما السكارى لا يستمعون إليها، لكنه كان يقول عن نفسه «أنا طائر الفينيق الذى يصحو من الرماد».
هذان الشخصان التقيا فى ظروف غير مناسبة، لكنهما أحبا بعضهما، أما أحلامهما، فحاولا كثيرا، لكنهما فى لحظات معينة انحرفا عنها، هو من أجل الحب انضم لفرقة تقدم موسيقى لا يؤمن بها، لكن عملها مستقر وتقوم بجولات فى بلدان كثيرة، ولديها جدول عمل لسنوات مقبلة، وهى بعد أن كتبت مسرحية وقدمتها ولم يحضر أحد سوى صديقاتها، لملمت أشياءها وعادت إلى بيت أبيها.
كل واحد فيهما لم يتقبل هزيمة الآخر وتراجعه عن حلمه، هى حدثته عن الملهى الذى يحلم به، ولم تتقبل فكرته عن النضج وتغير الأحلام، قال لها «الناس لا يحبون موسيقى الجاز» فأخبرته بـ«أنهم سيحبونها لأنك متحمس لها»، وعندما انسحبت هى وأخبرته بأنها «لا تريد أن تحرج نفسها أكثر بعد 6 سنوات من تجارب الأداء الفاشلة» قال لها «لديك تجربة جديدة فى الصباح وسأكون فى انتظارك».
ربما أكثر ما استوقفنى فى فلسفة الفيلم أن نجاحها حدث فى اليوم الذى ظنت فيه أنها فشلت، يوم عرض مسرحيتها، بعد إسدال الستار ظلت تبكى لأنه لم يأت إلا عدد قليل جدا، لكنها لم تكن تدرك أن بين هذا العدد القليل كانت هناك مخرجة سينمائية تراقبها.
ينتهى الفيلم وقد أعطتهم الحياة أشياء وأخذت منهم أشياءً أخرى، فعلينا أن نؤمن أن هناك دائما بعض الخسائر، وأن لا أحد يربح تماما ويحصل على كل شىء.
هذا الفيلم يجعلك تحب الموسيقى وتتعامل معها بكونها ضرورة فى حياتك، كما أنه يقول لك «امسك فى حلمك للآخر».