- أرى أنها ليست مجرد حالة إعلامية ناجحة فهى تمثل حالة نتمنى أن تنتشر فى المجتمع كله
عشرات كتبوا عن إسعاد يونس، وبرنامجها صاحبة السعادة، مادحين ولا أظن أنها بحاجة لأن تسمع مديحًا أكثر، وإن كان الإنسان المجتهد لا يمل بالتأكيد من أن يسمع تصفيق المعجبين، وإسعاد وفريق عملها من المجتهدين بالفعل، وزيادة شوية، خاصة فى ظل إعلام عام وخاص يبدو كسيح الفكر والحركة.
ولكنى أرى فى إسعاد يونس، ما هو أكثر من مجرد حالة إعلامية ناجحة، فهى تمثل حالة نتمنى أن تنتشر فى مجتمع كثير من أفراده محبطين ولا تمثل نفسها فحسب.
إسعاد يونس، بدأت مذيعة إذاعة ناجحة فى محطة كانت شبابية فى زمانها، وهى إذاعة الشرق الأوسط، ثم صارت ممثلة لها مكانة فى عالم الكوميديا، ثم صارت كاتبة لأعمال من أفضل الأعمال الكوميدية، وراحت تكتب أيضًا مقالات لها ذات الروح الساخرة كأدائها الإذاعى والتمثيلى ثم دخلت عالم الإنتاج والتوزيع، فقدمت أفلامًا بعضها من أفضل أفلام السينما المصرية حديثًا، خلاصة الأمر أن هذه السيدة حالة نجاح وإن تباعد نجاحها وتنوعت مجالاته.
ثم ظهرت كمذيعة تليفزيونية لتقدم برنامجها فى موسمه الأول، الذى لم يكن له بصمة فى بدايته أو روح إسعاد نفسها، ولكن بعد عدة حلقات بدا وكأن روح إسعاد يونس حطت بجناحيها على ثنايا البرنامج، فاكتسب نفس نجاحاتها السابقة وأكثر.
إسعاد يونس، لا أدرى هل بشكل إرادى أم لا إرادى، قررت أن تمنح المجتمع المصرى ومشاهديها جزءًا حقيقيًا وملموسًا من أغنية فيها حاجة حلوة التى يسخر منها البعض يأسًا، ويتساءل هى فين الحاجة الحلوة اللى فى مصر، فإذا بإسعاد وحدها وبرنامجها يقدم لنا بعضًا من حاجتها الحلوة سواء قديمًا أو حديثًا، فلا يملك مشاهدها إلا أن يحب هذا البلد طالما يشاهد إسعاد صاحبة السعادة.
وفى كل ما ذكرته سابقًا إسعاد يونس، تمثل نفسها تلك الشخصية المقاوحة الساخرة الحالمة المحبة، وقد تشبه آخرين غير ظاهرين فى المجتمع ولكنهم موجودين، ولكن فقط إسعاد استطاعت أن تنوب عنهم.
ثم يأتى الجزء التالى من أمر إسعاد معبرة عن الحالة العامة، فما أن نجحت إسعاد يونس وبرنامجها إلا ووجدنا عشرات من أهل الإعلام المرئى حتى المشاهير منهم يسطون على أفكارها وضيوفها وروحها، وتلك آفة مجتمعية مصرية، فإذا فتح أحدهم محل عصير قصب فى شارع ما خالٍ ونجح، راح العشرات بل المئات يفتحون فى نفس الشارع محلات وبرضه عصير قصب، وكأن الدنيا ضاقت بعقولهم عن التفكير فى فتح محل سندوتشات مثلًا أو أى نشاط آخر, لكن المنطق لديهم مادام عصير القصب بيكسب يبقى كلنا نخليها قصب!
كثير من التقليد وقليل من الابتكار يضيق على مصر الخناق، وكما تنتشر محلات عصير القصب الخايبة المقلدة تظل إسعاد يونس وحدها صاحبة السعادة وصاحبة العصير الأصلى.
ألم أقل لكم أن إسعاد يونس لا تمثل نفسها فحسب، ولكنها تمثل كثيرًا من مجتمع قليل من عصير قصبه أصلى، وكثير منه مضروب ومقلد.