الله على هذا البلد الأمين، سيظل محميا ومصانا بفضل الله، وبوعى أبنائه المخلصين، مهما اتسعت الغابات المليئة بالوحوش المفترسة حولنا، ومهما تحولت الحدائق إلى ميادين للحروب والصراعات من حولنا.
كل يوم يقدم أبناء هذا البلد الإشارات على قوة إدراكهم لما يراد لهم ولمصر من مخططات خبيثة وشريرة، وقدرتهم على مواجهة هذه المخططات الشريرة، ومنها بالطبع الفتنة الطائفية، فما فعله القساوسة والمشايخ فى بنى سويف، خلال الساعات الماضية، من الاشتراك فى افتتاح مسجد الشاذلى بمركز ناصر، يمثل المواجهة الحديثة لحروب الجيل الرابع على الطريقة المصرية.
فعندما نقول: إن المصريين شعب عريق ومتحضر، وإن تاريخهم الذى يمتد آلاف السنين أو إنهم قادوا العالم لاكتشاف الكتابة والعلوم والعمران وإقامة الدولة، لا نكون مغالين أو نتكلم من فراغ، ففى مواجهة أخبث الحروب الحديثة لتقويض الدول بالنزاعات الإثنية والطائفية والحروب الأهلية، يقرر المصريون اعتماد مبادئ المحبة والتسامح والوحدة الوطنية والتعايش مع المختلف فى أعلى صورها، لإعلاء كلمة الوطن الواحد ودحرا لأى خطر.
كان الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، يخطب الجمعة بمسجد الشاذلى بينما يستمع إليه رجال الدين المسيحيون والمسلمون فى موقف يذكرنا بأجواء ثورة 1919 عندما أراد المستعمر الإنجليزى، تفتيت المصريين وزرع الفتنة الطائفية بينهم بعد نفى زعيم الأمة سعد زغلول، فما كان من المصريين إلا أن رفعوا شعار الدين لله والوطن للجميع، ويحيا الهلال مع الصليب، وخطب المشايخ فى الكنائس والقساوسة فى المساجد محذرين من المخطط الاستعمارى لإثارة الكراهية والانقسام فى المجتمع لهزيمته من الداخل.
لم يتراجع الغرب الاستعمارى عن مخططاته الشريرة لهزيمة مصر بإثارة نوازع الفتنة الطائفية بين عناصر المجتمع، وحاول من خلال تمويل وإنشاء جماعة الإخوان الإرهابية بفرعيها الرئيسيين فى القاهرة والهند السيطرة على أكبر أيقونتين فى التاج البريطانى بتفتيت المجتمعين المصرى والهندى من الداخل، وظل هذا المخطط جاهزا دوما للإحياء والاستخدام من جانب الدول الاستعمارية، مهما تغيرت الدولة التى تمسك بزمام الأمور، سواء كانت الإمبراطورية البريطانية، التى لا تغرب عنها الشمس أو أمريكا المنتصرة بعد الحرب الباردة لتصبح القطب الواحد المهيمين على العالم.
ورأينا جميعا كيف تم إحياء المخطط نفسه فى السنوات التى سبقت ثورة 25 يناير، وتزايدت وتيرة الاستقطاب السياسى وإثارة النزعات الطائفية بعدها، وظهرت كلاب التطرف وبوم الإرهاب تنبح وتنعق بالكراهية والتعصب، وتفتيت المجتمع إلى مسلمين ومسيحيين متشاحنين، لكن وعى المصريين وحضارتهم لا بد أن تنتصر فى النهاية كما نرى الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة