نشرت صحيفة الفورين بوليسى الأمريكية تقريرا عن ظاهرة جديدة بدأت تظهر بين التنظيمات الجهادية العسكرية، وهى ظاهرة شركات تقدم الاستشارات العسكرية والجنود المرتزقة على غرار الشركات الكبرى مثل "بلاك ووتر"، لكن خدماتها تقتصر على التنظيمات الجهادية فقط.
ويشير التقرير فى مقدمته إلى مجموعة من مقاطع الفيديو فى مواقع التواصل المختلفة تعرض مجموعة من الرجال الأشداء المرتدين بزات عسكرية أثناء دفاعهم عن تحصينات، وفى فقرات أخرى أثناء اقتحامهم مبانى، أو أثناء تقديمهم لنصائح عسكرية وخلفهم لوحة بيضاء تملئها رسومات ورموز عسكرية، اللغة المستخدمة فى تلك المقاطع هى الروسية، لكن فى خلفية يمكن سماع موسيقى أغانى الأناشيد المنتشرة بين التنظيمات المتشددة مثل داعش وغيرها.
قائد المجموعة أبو رفيق
ويقول تقرير إن مقاطع الفيديو تعود إلى مجموعة "ملحمة"، وهى أول شركة تقدم الاستشارات العسكرية للتنظيمات الجهادية فقط وتوفر أيضا الجنود المرتزقة، على غرار الشركة الأمريكية المعروفة "بلاك ووتر"، والتى تغير اسمها الآن إلى "أكاديميا".
أبو رفيق قائد مجموعة ملحمة مع مقاتلين من المجموعة
ويكشف التقرير أن مجموعة "ملحمة" يتكون قوامها من جنود ذوى كفاءة عسكرية عالية، أغلبهم من دولة "أوزبكستان"، ودول أخرى كانت محسوبة على الاتحاد السوفيتى، ذات أغلبية سكانية من المسلمين، قائدها شاب أوزبكى فى الـ24 من عمره يسمى "أبو رفيق"، لا يعرف عنه الكثير سوى استخدامه لحسابات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعى للتخلص من الرقابة الإلكترونية، تحمل تلك الحسابات صورا له مخفيا وجهه بقناع لا يظهر سوى عينيه الضيقتين، وشعر رأسه المتشابكة خصلاته، يتحدث الروسية بطلاقة تشوبها لهجة أوزبكية.
مقاتلون فى مجموعة ملحمة
وعلمت الفورين بوليسى بعد محادثتها مع "أبو رفيق" عبر تطبيق "تليجرام" أن أعمال مجموعة "ملحمة" تنتعش فى سوريا منذ مايو 2016، حيث تسعى الشركة إلى الإطاحة بنظام "بشار الأسد" واستبداله بنظام إسلامى أصولى.
وقال "أبو رفيق" للفورين بوليسى إن مجموعته العسكرية تزود تنظيمات مثل "جبهة أحرار الشام"- جبهة النصرة سابقا- بالمقاتلين والاستشارات العسكرية، كما أنها تتعامل أيضا مع حزب تركستان الإسلامى، النشط فى إقليم "شنجيانج" بالصين، لافتا إلى أن خدمات الشركة لم تتأثر بخسارة مدينة حلب لصالح النظام السورى.
وأضاف "أبو رفيق" أن المجموعة تفكر حاليا فى التوسع إلى مناطق أخرى، موضحا أن خدمات شركته معروضة فى أى مكان يتعرض فيه المسلمون السنة للقمع، ذاكرا أسماء دول مثل الصين وميانمار، كاشفا أن المجموعة قد تعيد الاشتباكات مع الحكومة الروسية فى منطقة شمال القوقاز.
وكانت المجموعة قد نشرت إعلانا على موقع التواصل الإجتماعى "فيسبوك" تطلب فيه مقاتلين ذوى خبرات عسكرية للانضمام إليها، موضحة أن المقاتلين سوف يكونوا مرتبطين بتوفير الاستشارة العسكرية والقتال إلى لصالح تنظيم أحرار الشام فى سوريا.
ويقول التقرير إن مجموعة "ملحمة" ليست الأولى من نوعها فى سوريا، فهى لديها الريادة من حيث خدمتها للتنظيمات الجهادية فقط، إلا أن سوريا شهدت وجود العديد من الجنود المرتزقة وشركات الخدمات العسكرية خلال سنوات الحرب الأهلية التى بدأت عام 2011.
ففى عام 2013 قاتل إلى جانب قوات "بشار الأسد" مجموعة من الجنود المرتزقة ينتمون إلى شركة تسمى "الفيلق السلافى"، ولكن خدمات تلك الشركة لم تستمر طويلا بعد تعرضها للهزيمة على يد مليشيات المعارضة فى جنوب سوريا.
ومع انغماس روسيا فى الحرب السورية، عرضت شركة أخرى تسمى "فاجنر" خدماتها على نظام الأسد، وقد أبلى مقاتلوها حسنا فى الساحة السورية نظرا لما يتمتعوا به من خبرة عسكرية حصلوا عليها أثناء خدمتهم فى صفوف القوات الخاصة الروسية.
فى الجانب الآخر شهدت المليشيات الأصولية تدفق مقاتلين من الشيشان وداغستان، وصلت أعدادهم إلى 4700 مقاتل، أغلبهم يمتلك خبرة عسكرية واسعة استمدها من سنوات القتال ضد القوات الروسية فى تسعينيات القرن الماضى وبداية الألفية الحالية.
ويقول التقرير أن "أبو رفيق" الذى خدم من قبل فى صفوف قوات المظلة الروسية، انتقل إلى سوريا، لكنه ظل يتنقل من تنظيم إلى أخر دون إعلان ولائه لمليشيا محددة، وهذا قبل تأسيسه مجموعة "ملحمة" فى العام المنصرم.