«أصبحنا نشترى الشمس فى زجاجات، والهواء فى معلبات، أمام مئات القنوات الفضائية، والمواقع، تبث الأخبار والأحداث والأفلام والشائعات»، هذا ما كتبته يوما فى «عولم خانة»، قبل عشر سنوات، وأصبح واقعا، كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم، يتعرض المواطن لأكبر عمليات خداع بصرى وعقلى، وهناك إحصائيات تشير إلى أن %50 ممن يعلنون آراءهم افتراضيا، يتأثرون بآراء آخريين لا يعرفونهم».
مؤخرا أحال جهاز حماية المستهلك موقعا شهيرا فى التسويق الإلكترونى للنيابة، بتهمة الخداع، بعد أن روج لأدوية ومقويات وفيتامينات، ومخسسات ومسمنات، واكتشف الزبائن أنهم اشتروا الوهم ودفعوا فلوسهم. ومن قبل أحال الجهاز أكثر من 30 قناة فضائية للنيابة، بتهمة ترويج أدوية ومنتجات وهمية.
هذه المواقع والقنوات تمثل نسبة ضئيلة من تجارة الوهم الافتراضى. لا تكتفى بتسويق المفروشات، والحلل والطاسات، والكمبيوتر والكاميرات، لكنها تبيع أدوية على أنها مقويات، بعمليات غسيل مخ ممنهجة،. وتوجيهات ينظمها محترفون، يضربون استطلاعات رأى وأبحاث.
تبدأ فى صورة تقارير تنشر من حسابات ذات مظهر طبى رصين يظهر من يزعم أنه طبيب يشرح فوائد وتركيبة الدواء، أنه مستخرج من الثوم البرى والعسل الجبلى، والأعشاب القطبية، وأعماق المحيطات والأنهار. وجبال «هوهوكو» فى جنوب شرق الصين أو من بئر إشعاعى فى جزيرة مهجورة فى شمال القطب الافتراضى، وهؤلاء يعرفون أن نسبة لابأس بها مستعدة لتصديق «أى كلام».
يبدأ طاقم مساعد فى الدخول للسؤال عن السعر وطريقة الحصول على المنتج، مع مدح، وأن فلان أحضره واستفاد منه، يتصور المستخدم المضحوك عليه أنها عفوية وهم كومبارس يلعبون دور زبائن عابرين، ولو كان الزبون حسن الحظ، فهذه المنتجات مجرد خلاصات أعشاب، لكنها قد تكون ضارة بالفعل.
وفى أوروبا وأمريكا دعاوى رفعها مستهلكون اشتروا أدوية روجت أنها تحتوى على خلاصات الثوم والعسل والفيتامينات لإطالة الشعر، من اشتروها أصيبوا بحروق وتشوهات جلدية، واتضح أن الشركة تسوق من حسابات وهمية، ليس لها عنوان، وفشلت الدعاوى، واتضح أن نسبة لابأس بها من الأخبار التى تتعلق بأدوية أو منتجات طبية، ليست أخبارا علمية، وإن كانت منسوبة لمراكز أبحاث ذات أسماء رنانة، بينما هى مجرد مواقع تجارية، وإعلانات مدفوعة، والأدوية تروج على الشبكة، وتوصل للمنازل، ليست مسجلة فى أى دولة، وممنوعة حتى فى «الماركت» المصرح لها ببيع الفيتامينات والمكملات.
يعنى.. عملية نصب افتراضية محسوبة، مثل «دهان الهوا دوكو». والمدهش ليس فى الإعلان، لكن أن هناك من يشترى، والقانون لا يحمى المغفلين الافتراضيين.