كلما صادفت بوستات وتعليقات الأفنديات المتثاقفين والمتعالمين، على مواقع التواصل الاجتماعى، حول قضايا وأحوال البلد ومشكلاته ومستقبله بعد قرارات الإصلاح الاقتصادى الأخيرة، تذكرت على الفور كلمات عمنا الراحل أحمد فؤاد نجم، التى لخص فيها موقف هؤلاء الأفنديات بقصيدته «يعيش أهل بلدى» والتى يقول فى مطلعها: «يعيش المثقف على مقهى ريش/ محفلط مظفلط كتير الكلام/ عديم الممارسة عدو الزحام /بكام كلمة فاضية وكام اصطلاح/ يفبرك حلول المشاكل أوام».
لخص أحمد فؤاد نجم، فى قصيدته المفارقة بين إيمان الجموع الغفيرة من الناس بالعمل وبذل الجهد، بدون تنظير أو كلام كثير، للمساهمة بالنهوض بالبلد، وبين الأفنديات المشغولين بالتنظير الفارغ والرؤى غير المستندة على أساس معلوماتى أو واقعى، ومعهم تلك الطبقة المستفيدة من التهليب والسمسرة والفساد، وينتصر فى النهاية لأهل البلد الشقيانين الذين يحبون بلدهم بالعمل والتعب على أرضها الطيبة.
إخواننا الأفنديات الذين يناضلون على «فيس بوك وتويتر»، يجهدون أنفسهم فى الهجوم على السيسى مثلًا أو الحكومة بعبارات إنشائية فضفاضة ومصطلحات فخمة حمالة أوجه، دون أن يقدموا حلولًا لأى مشكلة مما يعرضون، ويقدمون صورة عامة شديدة السواد لمستقبل هذا البلد، وكأنهم يعلنون نتائج مؤكدة لاختبارات مرحلة دراسية بعد أن حصلوا عليها من الكونترول!
وإذا طالبت أحدهم فى حوار جاد أن يقدم مالديه من معلومات أو بيانات للرؤية السوداء الحالكة التى يقدمها لمستقبل البلد، لن تجد إلا مزيدًا من الغمغمة والطنطنة والشقشقة والعبارات الاصطلاحية التى تخلط بين وقائع تاريخية سابقة وأحداث راهنة، للوصول إلى نتيجة مفادها مفيش أمل ولا حل ولا أى شىء آخر، مفيش غير اليأس والضنك والسواد وكلنا رايحين فى داهية.
طيب هل فكرت يا أفندى منك ليه أن تبحث عن معلومات ودراسات وتفاصيل واقعية تؤيد وجهة نظرك، بدل أن تتنطع بنشر كاريكاتير مسىء أو إفيه ساقط أو جملة مبتذلة وكأنك جبت الديب من ديله؟ لا أحد من هؤلاء الأفنديات يبحث عن معلومات تزيح عن عينيه الغشاوة وتزيل من عقله الظلمة والغباوة، فقط، يكابرون ويتساندون إلى نوع من المعارضة الرافضة لكل شىء، وكأنها نوعًا من إبراء الذمة لما يمكن أن يصيب البلد من ملمات ونوازل لا قدر الله، وهو أيضًا نوع مجانى من إبراء الذمة لا يقابله اعتراف بالخطأ أو اعتذار أو مراجعة لأى تجاوزات ارتكبها هؤلاء الأفنديات المتلاعبون بالكلمات على «فيس بوك وتويتر»، حال ثبوت خطأهم وشططهم.
ولله الأمر من قبل ومن بعد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة