تبدأ المتاهة فى طهران، وتتفرع فى صعدة وحلب، ثم تنتهى فى الموصل، لأن إيران المنشغلة بتقسيم الغنائم فى سوريا، والمترقبة لمقالب دونالد ترامب، لم تستطِع نسيان قدمها المنغرسة فى العراق، ففى الوقت الذى تسعى بغداد لمطاردة داعش فى دروب نينوى، يفاجئنا الزعيم الشيعى مقتدى الصدر بدعوة أنصاره ليحتشدوا، احتجاجًا على قضية فرعية، المهم أن يشعر السنّة فى الموصل، أن تحررهم لن يغير من معادلة تقاسم السلطة شيئًا، ومرة أخرى نضيع فى المتاهة لنجد أنفسنا أمام نتيجة معروفة: انسحاب تكتيكى وقضايا مشتتة وأطياف عراقية ظمآنة للطائفية والمحاصصة، لكنها تتظاهر بالصوم، خوفًا على وحدة أرض العراق أو ما بقى منها، هذه المرة جعل الخصوم من البلد الجريح ساحة خلفية للصراع الإقليمى، استغلتها إيران لتبعث رسالة للقوى العربية والبيت الأبيض بأن الهلال الشيعى على وشك البزوغ من بين غبار السياسة ودخان القنابل فى ساحة التحرير قرب المنطقة الخضراء المحصنة ضد الرصاص، لكنها هشة جدًا أمام أول هبة رياح طائفية.