سألنى صديق بعد قراءة مقال أمس الأول: لماذا تهتم بالمتاحف هكذا وأنت تعرف أن الناس فى مصر لا يهتمون بها بالدرجة الكافية؟ وفى الحقيقة فإننى لم أجب عليه بالطريقة المعتادة على غرار رد الشاعر العربى الكبير «أبو تمام» الذى سأله أحدهم ذات يوم قائلا: لماذا لا تكتب ما يفهمه الناس فرد عليه بسؤال: ولماذا لا يفهم الناس ما أكتبه؟ لكننى أجبته بالإجابة التالية:
المتاحف فى كل أنحاء العالم من أول عوامل فخر الدول، ومن أول عوامل الجذب السياحى أيضا، وفى الحقيقة أيضا فإنه لن يهتم أحد بشىء فى بلدك لا تهتم أنت به، ولن يصدق أى سائح ما تقوله عن آثار بلدك وفنونها وهو يراك جاهلا بها، كما أنه لن يعتبر هذه الآثار آثارك أنت، لأنه يرى جهلك وسوء عنايتك بها، وبالتالى نقع بهذا الجهل فريسة لكل جاهل ليدعى علينا ما ليس فينا، فيقول أحدهم إن الفراعنة لم يبنوا الأهرامات، وأن اليهود هم الذين بنوها، بينما يدعى آخر أن الكائنات الفضائية هم الفاعلون، ويدعى ثالث أن الجن هو الفاعل، ولا أخفى عليك أن هذه الأقاويل التافهة تكتسب مصداقية كبيرة ونحن على حالنا هذا من الجهل بآثارنا والتخلف عن أجدادنا، وللأسف تمرير هذه الأقاويل له آلاف الآثار السلبية على المستويين السياسى والاقتصادى، فلا ترسم الحدود إلا بالآثار، ولا تنتعش السياحة إلا بالآثار، ولا يتم ذكرك فى جرائد العالم إلا بالآثار، وإن لم ندرك ما للصورة الذهنية عن البلاد من آثار متشعبة فقل علينا «يا رحمن يا رحيم».
فى الرد السابق لم أتطرق لما يسميه البعض زورا «شعارات»، فلم أقل له ما للآثار من أهمية فى تدعيم الوعى وترسيخ الاتنماء وبث روح الفن ومد جسور الاتصال بين الماضى المنير والحاضر المبهم، ولم أتطرق أيضا لمدى المعرفة التى تغذيها الآثار ومدى الحكمة التى تزرع فى داخلنا بالاهتمام بها، لكننى اكتفيت بأن أستعرض عليه بعض «المنافع» المباشرة التى من الممكن أن نجنيها إذا ما اهتممنا بالآثار ومتاحفها، فقلت له: لماذا لا يقيم متحف أم كلثوم مسابقة سنوية باسم كوكب الشرق لتنافس مسابقات الأغانى التى تدر ملايين الدولارات على القنوات الفضائية؟ ولماذا لا يقيم متحف الموسيقى العربية مسابقة لصناع الآلات الموسيقية فتنتعش هذه الصناعة، وتصبح من مصادر الدخل القومى؟ ولماذا لا تتحول متاحفنا إلى مراكز بحثية تستقبل الباحثين من جميع أنحاء العالم فيصبحوا سفراء لمصر فى الخارج دون تكلفة تذكر؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة