*عملية «الترقيع» إجبارية لعلاج «خطيئة» 25 يناير التى لوثت شرف وسمعة الوطن
تعالوا نقر حقائق دامغة، أن من بين المساوئ الخطيرة لثورة 25 يناير، أن وضعت العمل العام فى طريق مفخخ بكل أنواع الألغام والمتفجرات، وأصبح السير فيه محفوفا بمخاطر جسيمة، وفقدت المناصب المهمة، وفى القلب منها منصب الوزير، بريقها ووقارها وهيبتها، وأصبح الفرار منها كالفار من مرض معدِ خطير، وهكذا أصبحت المناصب المهمة، طاردة للكفاءات وجاذبة لأنصاف المواهب والمشتاقين فقط.
فمن هذا الشخص الذى يتمتع بكفاءة عالية فى تخصصه، ويلقى قبولا واحتراما دوليا، وله مكانته الاجتماعية يقبل على نفسه نهش «كائنات السوشيال ميديا» والمعارضين ومراهقى الثورية ونشطاء الغبرة، لسمعته وسمعة عائلته، والتحقير من شأنه، ثم تأليب محامين من أصحاب مكاتب «تحت بئر السلم» لتقديم البلاغات ضده، ثم يجد نفسه، يحاكم على قضايا أغرب من الخيال، وربما يزج به بين غياهب السجون.
الوزير يدخل مكتبه «برجله اليمين» حاملا الحقيبة الوزارية، ومستمتعا بزهو المنصب، وفخورا بأنه يقدم خدماته الجليلة لبلاده، غير منتظر مقابلا ماديا كبيرا، كون الوزير يتقاضى راتبا هزيلا بالمقارنة لمن يتبوأ مثل هذا المنصب فى بلاد الدنيا، ثم يخرج من مكتبه حاملا شنطة اتهامات، وتلويث السمعة، وتعريض أسرته لكل من «هب ودب» ينال من كبريائها، وربما يصل به الأمر إلى الذهاب بأقدامه إلى أحد السجون لقضاء سنوات من أواخر عمره فى إحدى الزنزانات المظلمة، يتضاعف فيها عدد أمراضه عما كانت عليه قبل قبوله منصب الوزير.
وفى ظل هذه الصعوبات الكبيرة فى عملية اختيار أصحاب الكفاءات لحمل حقائب وزارية ولديها القدرة على إحداث الفارق عمليا، تحاول الحكومات المختلفة منذ 25 يناير 2011، وحتى الحكومة الحالية، إجراء عمليات «ترقيع» للوزارات المختلفة حسب المتاح، لحفظ «كبريائها وعفتها» وماء وجهها أمام الشعب المصرى، وأنها قادرة على تحمل المسؤولية، ودفع عجلة التنمية للأمام، وإحداث طفرة كبيرة فى الجهاز الإدارى، وتطوير الأداء بما يواكب التقدم التكنولوجى، والقضاء على الفساد بكل صوره.
لكن هناك فارقا شاسعا بين الأمانى والأحلام الوردية، وبين الواقع المرير على الأرض، فالحكومة لم تعد تمتلك المزايا السحرية كالتى كانت تملكها قبل 25 يناير 2011، من هيبة المناصب وبريقها، والمزايا المالية، والمكانة الاجتماعية الكبيرة التى تسال لها اللعاب، ولا يستطيع أى كفاءة إدارية مهما كان وزنها على المستويين المحلى والدولى، أن تملك رفاهية التفكير فى القبول أو الرفض، فالجميع كان يلهث وراء المناصب.
لذلك فإن التعديل الوزارى الحالى، لن يلبى أمال وطموح القطاع العريض من الشعب المصرى، رغم الجهد الكبير والضخم الذى بذله المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة، فى عملية إقناع العشرات من الكفاءات بقبول حمل الحقائب الوزارية، وجميعهم تمسكوا بالرفض بشكل غريب، وكأن المنصب «شر» لابد الابتعاد عنه.
بل إن الذين قبلوا المنصب ولا يلقون قبولا ورضا القطاع الأكبر من الشعب، جاء بعد مارثون طويل من الجهد والعرق لإقناعهم أيضا، وكأن «شريف إسماعيل» يردد المقولة الشهيرة: «رضينا بالهم.. والهم مش راضى بينا»، لذلك فإن عملية «الترقيع» إجبارية لحفظ ماء الوجه بعد «خطيئة» 25 يناير، التى لوثت شرف وسمعة وكبرياء الوطن داخليا وإقليميا ودوليا.
ولك الله يا مصر...!!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة