بدأ الجنيه المصرى يجنى ثمار تحريره فى سوق الصرف، والاستفادة من السياسات الاقتصادية الأخير للدولة، وتعافى نسبيا أمام الدولار الأمريكى، وهو ما صدر بشأنه العديد من التقارير العالمية والمحلية الموضحة لوطأة العملة المصرية أولى خطواتها نحو استعادة قيمتها، وفى هذا الصدد نقدم تقرير مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية، عن تعافى الجنيه أمام الدولار.
وقالت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية للأبحاث والدراسات الاقتصادية إن انخفاض الطلب على الاستيراد وانتعاش الاستثمار الأجنبى دفع الجنيه المصرى إلى الارتفاع بنسبة 15% أمام الدولار الأمريكى خلال الأسبوعين الماضيين، متوقعة استمرار تلك القفزة لفترة ما.
ورغم ذلك، يرى جايسون توفاى، محلل الاقتصاد الكلى لدى "كابيتال إيكونوميكس"، أن الجنيه كان ليظل أضعف بكثير أمام الدولار قبل التعويم فى نوفمبر الماضى.
وأردف قائلا فى تقرير بالإنجليزية: "باختصار، فى أواخر العام الماضى، عومت السلطات المصرية الجنيه، وفقدت العملة المحلية على إثر تلك الخطوة أكثر من 50% من قيمتها أمام الدولار، وفى الأسابيع الماضية، عوض الجنيه جزءا من خسائره".
وسجل متوسط أسعار أسعار الدولار أمام الجنيه انخفاضًا إلى 16.3921 جنيه للشراء و16.4935 جنيه للبيع، وذلك طبقًا لمتوسط أسعار العملات بالسوق المصرى المنشور على موقع البنك المركزى، بزيادة تخطت الـ15%، مما يجعل الجنيه واحدا من العملات الأفضل أداء فى الأسواق الناشئة خلال تلك الفترة.
وقال توفاى: "فى حين أن هذا الانتعاش ربما يعكس الضعف الدولار الأمريكى خلال الأسابيع الأخيرة، إلا أننا (كابيتال إيكونوميكس)، كان لدينا وجهة نظر بان الجنيه تجاوز قيمته العادلة، بعد التعويم"، مؤكدا أن معظم المقاييس توحى بأن الجنيه مقوم بأقل من قيمته، فسعر الصرف الحقيقى هو الآن أقل من المتوسط على المدى الطويل وفى أدنى مستوياته منذ 1994 على الأقل.
وعزا التقرير الارتفاع الأخير للجنيه إلى عاملين، الأول هو تدفقات رأس المال الخاص، موضحا أن ضعف العملة المحلية جعل الأصول المصرية أرخص بكثير، وبالتالى أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، الذين ربما أخذتهم الشجاعة بسبب التحول فى السياسات تحت رعاية صندوق النقد الدولى.
وخلال الشهور الماضية، استحوذ الأجانب على صاف مشتريات الأسهم المصرية تقريبا، ورفعوا نسبة استحواذهم على أذون الخزانة بمقدار 8 أضعاف فى نوفمبر، وفقا للتقرير.
وأضاف توفاى، أن تدفقات رأس المال اكتسبت الزخم أيضا بفضل بيع سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار فى يناير المنصرم.
والعامل الثانى الذى ساهم فى ارتفاع الجنيه هو ضعف الطلب على الاستيراد، وفقا لمحلل الاقتصاد الكلى لدى "كابيتال إيكونوميكس"، حيث تابع: "رغم توقعات البعض بأن تخفيف القيود على سعر الصرف بعد تعويم الجنيه سيؤدى إلى زيادة الطلب على الواردات لتلبية الطلب المكبوت، إلا أن هذا لم يتحقق".
وتظهر أحدث بيانات أن الواردات بالدولار تراجعت بنسبة 30% فى نوفمبر الماضى، مقارنة بنفس الشهر فى 2015، وفقا لتوفاى، مؤكدا أن ضعف الجنيه جعل الشركات المصرية أكثر تنافسية، كما بدأت الأسر المصرية فى تغيير أنماطها الاستهلاكية تجاه اقتناء السلع والمنتجات المحلية، لتحل محل الواردات.
وأشار توفاى إلى أن عددا من الشركات المصرية شهدت وفقا لبعض التقارير، طلبا قويا على بضائعها منذ تعويم الجنيه، وفى نفس الوقت تشير أدلة المسح إلى أن المصدرين بدءوا الاستفادة من زيادة القدرة التنافسية، مؤكدا أن كل هذا من شأنه أن يساعد فى تقليص العجز فى الحساب الجارى، ويشير إلى أن التعديل اللازم فى الجنيه قد حدث الآن.
وتابع: "استشرافا للمستقبل، نعتقد أنه لا يزال هناك مجال لارتفاع الجنيه خلال الأسابيع المقبلة، فعلى الرغم من القفزة الأخيرة، لا يزال يبدو أن العملة مقومة بأقل من قيمتها ومع تشبث الحكومة ببرنامج صندوق النقد الدولى، وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية، فمن المرجح أن تظل تدفقات رأس المال مرتفعة، كما نتوقع تراجعا أكبر عجز الحساب الجارى".
وترى "كابيتال إيكونوميكس" أن سعر صرف الدولار فى السوق السوداء الذى بلغ 14 جنيها للدولار مباشرة قبل التعويم، هو مستوى أكثر ملائمة للعملة.
وحتى إذا واصل الجنيه ارتفاعه إلى هذا الحد، فإنه سيظل أضعف من الدولار بنسبة 35% مقارنة بسعر الصرف الرسمى الذى كان معمولا به معظم الوقت فى 2016، والذى بلغ 8.8 جنيها للدولار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة