فى حكم الرئيس الأسبق مبارك، كان الوزراء يجلسون على مقاعدهم سنوات طويلة، وإذا سألت عن أشهر وزير كهرباء، فالإجابة السريعة ماهر أباظة، والنقل والمواصلات سليمان متولى، والزراعة يوسف والى والعدل رياض سيف النصر والصحة حمدى السيد، وأسماء تاريخية أخرى كثيرة، حققوا نجومية وشهرة ونجاحا، ولكن عيب هذه الظاهرة أنها تجهض الطموح وتسبب الجمود، وتقلل فرص ظهور قيادات جديدة، وتضفى قدسية مبالغ فيها على المنصب الوزراى، وتخلق فجوة واسعة بين الرجل الأول وقيادات الصف الثانى، وعلى المدى الطويل لا تفرز كوادر مؤهلة لتولى المنصب الرفيع.
بعد 25 يناير أصبح منصب الوزير سهلا وميسورا، وربما تجاوزوا عدد كل الوزراء فى تاريخ مصر، ولم يعد لمن يجلس على الكرسى مواصفات، إلا إجادة رفع الشعارات وتكثيف الظهور فى الفضائيات، وربما لا نتذكر إلا اسم وزير واحد أو اثنين بصعوبة بالغة، وكان الأكثر صخبا ونضالا بالشعارات فى هواء الميادين والفضائيات، هم الأكثر فشلا وترديا بعد جلوسهم على مقاعد الوزراء، وجاءوا وذهبوا دون أن يتركوا بصمة أو ذكرى، غير إضعاف هيبة المنصب وجاذبيته، وتحذير أصحاب الخبرات والكفاءات من الجلوس على ذلك الكرسى الكهربائى.
ووقع التعديل الوزارى الأخير، بين «ثلاجة» تجميد المناصب قبل 25 يناير، و«محرقة» توليع الكوادر بعدها، فكانت ولادته صعبة ومتعسرة، وساهم فى زيادتها «وسائل إعلام» متحفزة، سممت بدن الوزراء، عندما وافق البرلمان على رفع مرتباتهم إلى 31 ألف جنيه شهريا.. فما الذى يغرى طبيبا شهيرا بقبول المنصب، وهو يتقاضى هذا الرقم فى نصف ساعة عمليات، ويتجول بين عياداته الخاصة فى الدقى والمعادى والتجمع الخامس، ويغفو قليلا فى السيارة فى طريقه للمستشفى فى 6 أكتوبر، وما الذى يوقعه صباحا بين غضب أهالى المرضى الذين يقتحمون المستشفيات، وبين بهدلة مذيعى الفضائيات من برنامج لبرناج، وكأنه «كعب داير؟».
«وزراء أشغال شاقة» لا ينامون ولا يهنأون، مثل الصحة والتموين والإسكان والتنمية المحلية والتعليم، ويتعرضون للهجوم والنقد ليل نهار، و«وزراء سعداء» الحظ، مثل السياحة والآثار والطيران والبيئة والهجرة والثقافة، لا نقد ولا هجوم وعسل النحل دون اللسع، ووزراء أذكياء اختطفوا وزاراتهم بعيدا عن الأضواء، رغم ضخامة المسؤوليات وتراجع الإنجازات، مثل الزراعة والصناعة وغيرها، لا تظهر ولا تتكلم حتى لا تخطئ.. والدنيا حظوظ وكذلك منصب الوزير.