فى إطار سعيه لتأسيس جيل من المقاتلين يتبنون أيدولوجيته المتطرفة، يعمل تنظيم داعش على زرع عقيدة القتال والعنف فى نفوس الأطفال الصغار الذين لا يزالون فى بداية حياتهم التعليمية.
دليل داعش التعليمى
وتقول مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية، إن داعش وضع برامج تعليمية لتنشئة الجيل الجديد من المقاتلين، ولا يقتصر الأمر فقط على تغطية الموضوعات المتعلقة بـ"الجهاد"، ولكنه يشمل الرياضيات والنحو واللغة الإنجليزية.
ب بندقية
وتوضح المجلة أن داعش قام ببناء مدارس وتأليف كتب دراسية وطور تطبيقات هاتفية لتعليم الأطفال، ما يسلط الضوء على جانب من نطاق التنظيم الإرهابى واستراتيجيته، وعرضت المجلة أحد التطبيقات التى طورها داعش لتعليم الأطفال الأبجديات باللغة العربية، وفى هذا التطبيق يتعلم الطفل كلمة عن كل حرف، وفى إطار أيدولوجية داعش يتعلم الأطفال "ب.. بندقية"، "د.. دبابة"، "س.. سيف".
د دبابة
ويقول الخبراء، إن هناك هدفا تكتيكيا وراء علم التربية الذى يتبناه داعش. وتقول ميا بلوم، الخبيرة فى مكافحة الإرهاب فى جامعة ولاية جورجيا، إن هناك حاجة لإعداد الأطفال عقلياً ونفسياً لكى يكونوا الجيل القادم من المقاتلين، ويعرّضون الأطفال للعنف بشكل روتينى ويومى حتى يصبح أمراً عادياً.
س سيف
وتقوم بلوم وزملاؤها فى جامعة ولاية جورجيا، الذين يعملون على دراسة الأطفال والتطرف، بتتبع مثل هذه التطبيقات والكتب الدراسية وأدوات التعلم المروعة الأخرى لداعش. وتقول الخبيرة الأمريكية، إن فريقها وجد 35 كتاباً دراسياً يتم تحميلها بسهولة وجاهزة لاستخدامها فى الجوانب المظلمة للإنترنت، وبعضها باللغة الإنجليزية. وتقول فورين بوليسى، إن نتائج الدراسة التى تجريها بلوم وزملاؤها يتم إرسالها إلى السلطات الأمريكية ومسئولى وزارة الدفاع.
الاعداد البدنى
ولا يتوقف داعش عند المواد التعليمية، بل إنه قام ببناء مدارس فى شرق سوريا عام 2015، بمنهج دراسى وخطط للدروس ومعلمين بأجور لتلقين الأطفال.
وحتى فى الإعداد البدنى، كان لداعش كتاب مدرسى مشبع بتصور داعش يركز على الحركات القتالية التكتيكية أكثر من التركيز على الرياضات.
وهناك كتاب دراسى فى مادة الرياضيات، يتعلم فيه الأطفال عدّ الأقلام والطباشير، وأيضا الرصاصات. ويقول الخبراء، إن ما يفعله داعش ليس بالأمر غير الشائع، فتعليم الأطفال ربما يكون واحدا من الخطوط الأمامية الأكثر أهمية، والتى يتم إغفالها فى المعركة ضد الإرهاب، فالجماعات الإرهابية بدءاً من "إيتا" فى إقليم الباسك بإسبانيا، وحتى حزب الله، يستخدمون برامج التعليم لجذب الأطفال إلى صفوفهم.
دليل تعليمى
وتقول بلوم، إن التعليم يجعل التنظيمات الإرهابية مرنة، ويجعل بعض الأمور مثل الاغتيالات المستهدفة أقل فعالية، فلو تم إسقاط مقاتل بارز فى ضربات الطائرات بدون طيار أو غارات القوات الخاصة أو بأى وسيلة أخرى، فإن أطفاله يستطيعون أن يأخذون مكانه سريعا فى الصفوف.
ويقول الخبراء والمسئولون، إنه من السابق لأوانه الحكم على الآثار بعيدة المدى لجهود داعش التعليمية، فبعد كل شىء فإن عمر التنظيم لم يتجاوز الأعوام القليلة، إلا أن داعش كان بارعاً تكنولوجياً، وهو ما يرجح أن يكون تأثيره أكثر قوة.
ويقول بيتر وينبيرجر، الباحث فى شئون الإرهاب والتكنولوجيا بجامعة ميريلاند، إن استخدام داعش للسوشيال ميديا والتكنولوجيا أكثر تطوراً من الجماعات السابقة.
وهذا الاستثمار يؤتى بثماره. فيقول الباحث، إنه بمجرد أن يعلم داعش أتباعه الصغار الإنجليزية يصبحون قادرين على الانتشار، ليس فقط فى الخطوط الأمامية للمعارك، ولكن أيضا فى اجتماعات مع شبكات إجرامية، وفى المدن لتجنيد المزيد من المقاتلين، وفى شبكة الإنترنت لتعزيز وجود الجماعة إلكترونياً فى العالم الناطق باللغة الإنجليزية.
لكن البعض يتم استخدامهم فى مهام أكثر بشاعة، فقد سجلت الأمم المتحدة 362 حالة لتجنيد أطفال فى سوريا فى عام 2016 وحده، منها 274 طفلا لداعش، واستخدم التنظيم الأطفال فى تنفيذ غارات والمشاركة فى معارك وحتى إعدام الأعداء، لكن الطريق الذى سلكه الطفل ليصبح جلادا، بدأ فى الفصل الدراسى، كما يقول الخبراء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة