ماهر المهدى

حى على الفلاح

الجمعة، 17 فبراير 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أجمل دعوة إلى أخف التزام وأحبه الى الله عز وجل، حى على الفلاح . فطالما سمعت الأذان وأنصت إليه، ولكن المرء قد يكتشف كل يوم جديدا جميلا فيما هو من الله، لأن ما كان من عند الله راق رفيع متطور وقد يحتاج إلى مراحل معينة من النضج الإنسانى والتطور الثقافى ليستطيع الإنسان رؤية ذلك الجمال والسمو الإلهى.. وربما كان هذا هو السبب الذى يحث الله خلقه من أجله على السمع والإنصات.. فالسمع والإنصات يقترنان بقدرة السامع على حسن استقبال ما يتلى من القرآن الكريم، كما يقترن السمع والإنصات بتوقير المرء لما يسمع وما يتلى عليه طبعا، ويقترن السمع والإنصات إلى القرآن الكريم بمحاولة المستمع فهم نفسه وفهم دوره فى الحياة وفهم قدر مما يطرح عليه من الآيات الكريمة التى يهدى بها ألله من يشاء.
 
 
 
حى على الفلاح ، أو تعالوا الى الفوز والفرج والنجاح . ما ألطف هذه الدعوة ، وما أحنها ، وما أصدقها من دعوة . وما أرقها من دعوة ، لا خسران فيها ، إلا لمن تجاهلها ولم يستجب لها.
 
 
 
إن الأذان دعوة الإسلام إلى الصلاة لحلول وقتها، وعندما تتأمل الأذان وتمعن التفكر فيه تجده عملا جميلا واضحا وكاملا ومختصرا ، وقابلا للإعادة وللتكرار بلا تعب ولا إرهاق ، وقابلا للحفظ عن ظهر قلب بلا عناء ، وسهلا قابلا للترديد على لسان من يسمع ، لوضوح الكلمات وقوتها وخلوها من اللغط ومن التشابه الداعى إلى الارتباك أو الخلط .
 
ان الاذان فى الإسلام عمل فنى متكامل ، يجمع بين الموضوعية الحازمة ، لأنه يتعلق بالعقيدة وبإقرار الرسالة لرسولنا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم وعلى أهله وصحبه ومن تبعه بإحسان ومن أحبه من خلق الله أجمعين - وبين القبول السمعى كعمل يلقى على مسمع من الناس جميعا من كان منهم مؤمنا ومن لم يكن مؤمنا . إذ لابد لعمل يقابل أسماع الناس كل يوم خمس مرات من فجر اليوم إلى ليلة، أن يتمتع بهذا القبول السمعى والوقع المحبب فى النفوس جميعا - ولو كانت بعض النفوس المستمعة غير مؤمنة – لأن الاسلام من السلام ومن الإحسان ومن المحبة ومن الأخوة ومن الخير ومن أجل الخير ، فلا يكون منه إلا ما يحسن إلى الناس – دون تفرقة – لأن الله رب العالمين ورب المؤمن ورب الكافر ولو أنكر الكافر .
 
 
 
 فإذا ما تأمل المرء هذه الصورة الآسرة والمعروضة هنا باقتضاب للأذان فى الإسلام وما يحيط بتكوينه من دقة متناهية فى الصياغة والرونق والبهاء ، بحيث يصلح ليخاطب آذان خلق الله أجمعين ، وليس المحبين المقبلين على الاسلام والمتسامحين فى طبعهم فقط – دون ازعاج أو غلظة أو نفور من كلمة أو كلمات أو من صوت -  فان المرء قد يدرك أنه أمام آية من آيات الله التى حبا الله الاسلام بها وفضله بها على غيره من الأديان . نعم ، إن الأذان فى الاسلام آية فى صياغته الناجزة الواضحة المحببة الى السمع والمستمعين ، لأنه من عند الله – سبحانه تعالى – وليس من عند بشر . وقد رآه فى منامه كل من سيدنا عمر بن الخطاب والصحابى الجليل عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، ولكن صاحب رسول الله عبد الله بن زيد كان أول من أخبر النبى – صلى الله عليه سلم وعلى أهله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين – فأقره النبى الكريم ، وأمر سيدنا بلال بأخذ الأذان عن صاحب رسول الله عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، ليكون للإسلام نداء خاص به رفيع رقيق رفيق يدعو الى الصلاة متى حان وقتها ، ويحض على صلاة الجماعة ، ويعلن عن الإسلام وشعائره فى لين ويسر وصدق حنو الهى مستمر . فالحمد لله الذى يدعونا الى الاستماع والى الانصات لندرك بعضا من نعم الله وفضله علينا ، ونتفهم بعضا مما يحيطنا به من آيات ودلائل قدرته سبحانه تعالى . والحمد لله على نعمة الصلاة ووسيلة الاتصال بمن خلقنا ، ومنبع الأمن فى قلوب من يؤمنون . فاذا أظلمت الدنيا وأطبقت ظلامها وضيقها على قلبك وعقلك ، وتملكتك حيرتك واشتد غيظ قلبك ، فاستمع إلى الأذان ، وهو يشق الظلام ويفتح باب السماء لمن دعا وأخلص الدعاء لله . استمع الى الأذان وهو يعلن أن الله أكبر من كل كبير وأقوى من كل قوى ، وأنه هو الملك الأوحد الذى لا غالب له ولا رازق سواه ليسكت عنك غضبك المشتعل . حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه وقادتها إلى الخير.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة