كشف صلاح فضل كواليس اجتماعات المثقفين مع علماء الأزهر بعد ثورة يناير 2011، مفصحا عن المناقشات التى شابت هذه الاجتماعات حول موضوعات من بينها «العلمانية والتكفير»، فقد سرد «فضل» كلمة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خلال هذه الجلسة التى تعد من أخطر ما قيل أو ما سيقال عن علاقة الأزهر بالسعودية، وتوغل التيار الوهابى داخل أكبر مؤسسة دينية فى العالم.
وسرد فى كتبه وثائق الأزهر الصادر عن دار بدائل أجواء الاجتماع الذى دار حول مفهوم المدنية ومفهوم العلمانية والفرق بينهما حتى توصل المجتمعون إلى صيغة توافقية لتوصيف الدولة المصرية باعتبارها «دولة ديمقراطية حديثة» ثم التقط الكلمة الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، حيث تطرق إلى العديد من القضايا ومن أهمها مكانة الأزهر فى العالم والتحديات التى تواجهه من قبل التكتلات الدينية الأخرى ومن أهمها تكتل «الوهابية»
وأشار إلى كلمة الإمام الأكبر فى هذا الصد حين قال: «إننا أنشأنا الرابطة العالمية لخريجى الأزهر، وأحصينا ما يقرب من أربعين ألف خريج أزهرى على مستوى العالم، وعقدنا عدة مؤتمرات، كان رابعها «الإمام أبو الحسن الأشعرى» باعتبار أن منهج الأشعرى هو منهج الأزهر، فقد استطاع بهذا المذهب أن يلم شعاب المسلمين جميعاً» ثم مضى الإمام ليتحدث عن أهمية هذا المذهب ومدى ملائمته للمسلمين الآن قائلا:»هذا المذهب لا يجيز التكفير، وقاعدته الأولى أننا لا نكفر أحدًا من أقل القبلة، وقاعدته الثانية أنه لا يخرجك من الإسلام إلا جَحدُ من أدخلك فيه «أى الشهادة»، وعنده أن العبد إذا مات على معصية فأمره مفوض إلى الله تعالى إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه، وهذا من التطبيقات العملية التى ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة عليها».
وأضاف شيخ الأزهر فى كلمته: عقدنا هذا المؤتمر ودعونا إليه بعض إخوتنا من المملكة العربية السعودية، لنتفاهم معهم فى أن هذا المذهب هو المؤهل لقيادة الأمة الإسلامية إلى الوحدة بعد تفرقها وتمزقها، وعقدنا النية على عقد مؤتمر خامس، وتوقعنا أن تحدث بيننا وبين الوهابية مصالحة، بسبب الضغط الوهابى الذى تغلغل فى مصر والأموال المتدفقة من الخليج، حتى أصبح الطالب فى كلية أصول الدين يجهر بأن «الأشاعرة كلاب» مع أن هذا مذهبه.
وقال أحمد الطيب: «واسمحوا لى أن أقول إن عندنا القدرة على مجابهة هؤلاء بمثل وسائلهم، مكتبة الأزهر بها أكثر من مائتى مخطوط لعلماء الأزهر فى القرن الماضى، يردون بها على محمد بن عبدالوهاب، بل وصل الأمر لتكفيره، ومن الممكن أن نطبع هذا ونوزعه على أبواب المساجد، ولكن هذا ليس منهج الأزهر، نريد أن نجمع الكل تحت عباءة أهل السنة، وليس هناك الآن سلفية حقيقية، هناك وهابية، وهم يحاولون هدم الأزهر، والله غالب على أمره».
جانب آخر يكشف عنه الدكتور صلاح فضل فى كتابه حول أول اجتماع لكوكبة من المثقفين فى مكتب الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، يوم الأحد 15 مايو 2011، أى بعد اندلاع ثورة يناير بثلاثة أشهر فحسب، تصدر منصة اللقاء الدكتور «الطيب»، وجلس إلى يمينه فيما يذكر الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف الأسبق، يليه المفكر الإسلامى الكبير الدكتور أحمد كمال أبو المجد، ودعا شيخ الأزهر المفكرة القبطية الدكتورة ليلى تكلا لتكون إلى يساره، يليها الدكتور حسن الشافعى مدير المكتب الفنى للشيخ.
ويضيف «فضل»: أذكر أنى ألقيت نظرة على المدعوين لهذا الاجتماع فوجدتهم يمثلون أطيافًا عدة، فى مقدمتم نجوم الأدب، بهاء طاهر، وجمال الغيطانى ويوسف القعيد وجابر عصفور، يليهم عدد من كبار كتاب الإعلاميين مثل نبيل عبدالفتاح ونعم الباز وعمرو عبدالسميع وحلمى النمنم، وعدد من الشخصيات المسيحية مثل ليلى تكلا وسامح فوزى وسمير مرقص، وبعض كبار العلماء مثل محمود عبدالفضيل القوصى وعبدالمعطى بيومى ومحمد كمال إمام وشخصيات مهمة مثل جلال أمين ومصطفى الفقى. دار حديث مفتوح عن الثورة والأزهر والتيارات الدينية المخيفة التى أطلت برأسها بعنف على الحياة العامة المصرية، ولفت انتباهى بشدة أن الدكتور أحمد الطيب قد عبر عن سعادته الخاصة بهذا اللقاء مع المثقفين وقال إنه يجد نفسه حقيقة بينهم، بينما يشعر بالاغتراب عندما يزوره أفواج السلفيين والجماعات الدينية، ثم تحدث طويلاً عما تعرض الأزهر له فى الفترة الماضية من اختراق، وكيف تسللت إليه بعض الدعوات الغريبة عن طابعه الوسطى المستنير المأثور، فحاول بعض أنصار التيارات السلفية الوهابية جذب بعض شيوخه وإغرائهم بالتدخل فى مناهجه عن طريق تحريف كتب العقائد الأشعرية، لتتوافق مع مبادئهم بالتواطؤ مع ورثة الناشرين القدامى، وكيف تصدى بحزم لهذه المحاولات كى يعيد للأزهر طبيعته النقية المعتدلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة