نصلُ اليومَ إلى الحلقة قبل الأخيرة من الرسالة المطوّلة التى أوصانى طبيبٌ مصرى مسيحى يعيش فى كندا بإرسالها، عبر مقالى الأسبوعى هنا بجريدة «اليوم السابع»، إلى فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف. والشاهدُ أن ليس من وراء إرسال هذه الرسالة من د. هانى شنودة إلى بريدى، ولا من وراء نشرى إياها هنا، غير هدف واحد وحيد، نتمناه على الله. الهدف هو محاولة إبراز المشتركات العظيمة والمقاصد السامية بيننا وبين أشقائنا المسيحيين من أقباط مصر، ومحاولة تصحيح المفاهيم المغلوطة التى تكوّنت فى وعينا عنهم وعن عقيدتهم، والاستشهاد بآيات القرآن الكريم التى تحُضّنا على مودتهم وبرّهم، من أجل نبذ الطائفية والتباغض، ومن ثم تكريس قيم المحبة والسلام بيننا جميعًا نحن البشر، وهو ما أمر به الإسلام كما أمرت به الأديانُ كافة.
وصلنا الأسبوع الماضى إلى النقطة رقم (6) من الرسالة. وخلال النقاط الستّ السابقة وصل الباحثُ الطبيب د. هانى شنودة إلى إبراز الفروق الهائلة بين «النصرانية» التى تحدث عنها القرآن الكريم، ورفضها فى وصفه نصارى نجران، وبين «المسيحية» التى يؤمن بها أشقاؤنا أقباط مصر، والتى ترفضُ النصرانيةَ بدورها ويرفضها المسيحيون. كذلك ذهب الباحثُ فى رسالته إلى إثبات أن المسيحىَّ يعبد إلهًا واحدًا وليس ثلاثة أرباب، كما يظن بعضنا نحن المسلمين. كذلك ناقش الباحث عبر رسالته قصة سيدنا عيسى المسيح بن مريم عليهما السلام، من حيث رفعه للسماء حيًّا دون صلبه، كما نؤمن نحن المسلمين، أو من حيث صلبه وموته على الصليب، ثم رفعه من القبر إلى السماء حيًّا، كما يؤمن أشقاؤنا المسيحيون. واليوم إليكم النقطة رقم (7)، ومن جديد، أرجو أن تصل الرسالة إلى مَن أُرسلت إليه، وهو شيخ الأزهر الشريف. واللهُ والسلامُ من وراء القصد.
***
7 - وأما دعوى تحريف كتاب الله، فقد وردت فى القرآن الكريم عن بعض يهود المدينة: (من الذين هادوا)، وليست عن كل يهود فلسطين أو يهود العالم، ولم يرد ذكرُها عن المسيحيين على الإطلاق. والمقصد ليس التحريف اللفظى، إنما المقصود هو التحريف بالتأويل الفاسد، والكتمان، ولىّ اللسان، وإزاحة الكلام عن مواضعه، كما جاء فى معظم أمهات كتب التفسير.
والتحريف المقصود ليس له أية علاقة بالعقائد، بل بحادثة يهوديين زنيا وحكمهما فى التوراة. وكذلك الإساءة إلى نبى الإسلام عليه الصلاة والسلام: (بالقول أرعن بدلا من راعنا، والسأم بدلا من السلام)، وصفة نبى الإسلام فى التوراة، وأخيرًا عن بعض اليهود الذين كانوا يترجمون بعض أجزاء التوراة من العبرية إلى العربية، ويبيعونها إلى بعض عرب المدينة. إن الانجيل الذى بين أيدينا اليوم، هو ما كان بين أيدى الناس فى أيام نبى الإسلام عليه الصلاة والسلام. فكيف يكون محرفًا؟! وقد قال عنه القرآن الكريم: «نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ. وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ»، «آل عمران 3-4».
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِى نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا»، «النساء 136».
«وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ. وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»، «المائدة 46-47».
وللرسالة بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة