-
نقيب الممثلين: الدولة ليست فى حساباتها السينما أو المسرح.. محمد منظور: رجال الأعمال لديهم استعداد للمبادرة بشرط تخلى الحكومة عن البيروقراطية.. المنتج محمد العدل: عايزين زيادة فى عدد دور العرض والصعيد بلا سينمات
قبل 50 عامًا من الآن كانت صناعة السينما هى الرائدة فى مصر، بل تحقق الدخل الثانى للدولة بعد القطن والمحاصيل الزراعية.. كانت هى أداة التسويق الثقافى للبلد وتساهم فى تعزيز دور مصر وحضورها الإقليمى والعربى.. كذلك صدّرت صورة راقية فى الخارج ونجحت فى لملمة المجتمع المصرى بزرعها للقيم بطريقة أرقى وأنعم من المقالات والخطب السياسية.
هكذا كانت مصر الستينات.. لكن اليوم (مصر 2017) تراجعت السينما المصرية لتسجل بأكملها إجمالى دخل قد يقل عن دخل فيلم أمريكى محدود الإنتاج، ومع هذا التراجع الاقتصادى تراجع دورها المهم فى التسويق للحضور المصرى، وخصم من رصيد مصر عربيا وأفريقيا، فهل يكون المدخل الأول والأهم والأوجب علينا الآن هو استعادة السينما مشرقة كما كانت لنستعيد دور مصر مشرقًا كما كان؟.
"اليوم السابع" تفتح ملف محاولة إعمار السينما المصرية من جديد، وعودة القوى الناعمة وتفعيل دورها التنويرى والثقافى، وتطرح تساؤلا، متى تتحرك الدولة لبناء مدينة للسينما بالاشتراك مع المستثمرين؟ متى ننتبه لاستخدام هذا السلاح الهام لزرع الأفكار الصحيحة بطريقة أفضل؟.
مشاهد من أفلام السينما المصرية
هذه الأسئلة أجاب عليها عدد من السينمائيين ورجال الأعمال، على رأسهم الدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشئون السينما، حيث يقول لـ "اليوم السابع"، إن الاستراتيجية الجديدة للدولة بما فيها وزارة الثقافة تعمل على هذا المنهج والمنطق، مؤكدا أن قرار رفع الدعم من 20 مليونا الى 50 دليلا على اتخاذ خطوات جدية لتصحيح أحوال السينما، موضحًا أن رئيس الوزراء ووزير المالية وافقا على الدعم بالكامل وتنقصه بعض الإجراءات الأخرى للحصول عليه كاملا خلال الفترة المقبلة.
خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشئون السينما
وأضاف مستشار وزير الثقافة لشئون السينما :"نحن نعمل على خطة متكاملة فى هذه الفترة ومنها بناء مدينة السينما فى أرض الفنون بالهرم، على أن يكون بها مجمع بلاتوهات إضافة إلى استوديو نحاس وأستوديو المدينة 1 و2 وأيضا نسعى لإنشاء الشركة القابضة للسينما والتى تختص بإدارة أصول السينما المصرية ومعاملة المنشآت السينمائية كمعاملة المصانع"، موضحًا أن هناك خطة متكاملة فى هذا الشأن لكن التغيير الوزارى يتسبب فى إعاقة تنفيذ الخطوات بسرعة.
وفى السياق ذاته يقول الدكتور ورجل الأعمال محمد منظور، إن السينما من أهم الأسلحة التى يجب أن تستخدمها الدولة فى مواجهة الإرهاب، وتصدير صورة إيجابية محترمة عن الدولة خارج مصر، وأضاف :"دور رجل الأعمال مساعدة الدولة ويبدأ بعمل مبادرة ويمد يده لها، ورجال الأعمال لديهم استعداد للتكاتف حول البلد وقواها الناعمة، لكنهم مكتوفو الأيدى ولابد من وضع قانون مختلف لصناعة السينما يعتمد بشكل أساسى على التخلى عن البيروقراطية لأنها تؤدى للدمار وهذه هى أول سلبيات الصناعة".
وأكد محمد منظور، أن إنشاء مدينة للسينما خاصة تقوم على إنتاج سينمائى ضخم ومتميز بمشاركة رجال الأعمال أمر فى غاية الأهمية، وعلّق :"دور الدولة لازم يبقى إيجابى مع أى حد محترم ويجب عليها أن تسانده وتذلل له كل المعوقات، ومنها مسألة التصاريح التى ترهق السينمائى فى الحصول عليها من أكثر من جهة، مع أنه من المفترض أن يخضع العمل لترخيص واحد من هيئة جهاز الرقابة على المصنفات الفنية".
ويضيف رجل الأعمال فى حديثه عن أهمية السينما وتـأثيرها فى الشعوب :"فى الماضى ونحن صغار عندما كان يصدر فيلم فى السوق بطولة عادل إمام بنبقى مبسوطين جدا، لأنه كان بيوصل رسالة وهدف، ويجب على صناع السينما إعادة هذا الفكر من جديد"، ويستكمل :"مينفعش كرجل أعمال أعمل فيلم هشك بشك وخلاص، الدور الفعّال هو تقديم القصص الناجحة التى تساعد وتخدم البلد وتقدم صورة إيجابية جميلة، بخلاف الإنتاجات السينمائية الضعيفة التى ظهرت بعد 25 يناير، إذ نرى أفلامنا بأكملها عن البلطجة، وأغانى مهرجانات وأشياء لا معنى لها وليس لها علاقة بالسينما أو الغناء".
المنتج أحمد السبكى
ويؤكد المنتج السينمائى أحمد السبكى أنه يؤيد أى فكرة تدعم صناعة السينما وتدفعها للأمام أكثر، ويعّلق:"الدولة مش بتساعدنا خالص وعملنا لهم نجوم عشان يشتغلوا بيهم بس مفيش دعم"، موضحًا أنه يعشق الصناعة ودائما ما يقف وراء أى تجربة تفيدها.
وفى السياق ذاته يقول فاروق صبرى رئيس غرفة صناعة السينما إن الأهم من إنشاء مدينة للسينما هو حل مشاكلها القائمة حاليًا وعلى رأسها مشكلة قرصنة الأفلام سواء من الإنترنت أو القنوات غير المرخصة، مؤكدا أن حماية الأفلام من القرصنة أصبح مجهودا فرديًا يبذله بعض المنتجين، لافتا إلى أنه يتلقى وعودا بحل مشاكل الصناعة منذ أكثر من 5 سنوات ولا يتم تحقيق أى تقدم فى هذا المجال، وقال :"يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية للوقوف بجانب صناعة السينما".
فاروق صبرى رئيس غرفة صناعة السينما
وأوضح رئيس الغرفة أنه لن يتوقف عن الحديث في مشاكل السينما والمطالبة بحلها لأنه لا يملك حلولا أخرى ولا يمكنه التخلى عن الصناعة، لافتا إلى أنه تم إبلاغه بعقد اجتماع جديد مع رئاسة الوزراء لمناقشة مشاكل الصناعة بعد التعديل الوزارى ولكن لم يتم تحديد موعد نهائى للاجتماع حتى الآن، وأضاف :"لا أعتقد أن الدولة لديها نية حقيقية لإنشاء مدينة مجهزة للسينما"، معللا بأن هناك مدينة للسينما ولكنها قديمة ومتهالكة والكاميرات الموجودة بها "عفا عليها الزمن"، وأشار إلى أنه إذا تحركت الدولة وأقامت مدينة للسينما أو طورت المدينة الموجودة حاليا سوف تحد من تحكم القطاع الخاص بالمنتجين والمغالاة فى إيجارات ماكينات التصوير والاستوديوهات، مؤكدا أن أى استثمار تقدمه الدولة فى السينما لن يخسرها ماديا لأنها صناعات طويلة الأجل وتسبب إنعاشا للسوق السينمائى الذى سيعود بالنفع على خزينة الدولة.
أشرف زكى نقيب الممثلين
ويرى الدكتور الفنان أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية، أن الدولة ليس فى حساباتها السينما أو المسرح، مشيرا إلى أن الدليل على ذلك هو إهمال مدينة السينما الموجودة حاليًا، مؤكدا أن مدينة السينما الجديدة لن يتم بنائها إلا إذا أدركت الدولة أهمية القوى الناعمة، ولفت إلى أن الدولة قررت رفع دعم صناعة السينما إلى 50 مليون جنيه ولكن لم يتم إبلاغ أحد بأى شىء عن هذه الأموال أو كيف يتم توزيعها أو أوجه صرفها.
المنتج السينمائى محمد العدل يقول إن الأهم من بناء مدينة السينما هو الاهتمام ببناء دور عرض جديدة على مستوى الجمهورية لأن السوق يحتاج 500 دار عرض موزعة في جميع محافظات بالجمهورية، بحيث يوجد فى كل محافظة ما لا يقل عن 10 أو 15 دار عرض، مشيرا إلى أن الصعيد لا يوجد به أى دور عرض، ولا يصح أن تكون نصف مصر لا يوجد بها أى سينمات.
محمد العدل
وفى الإطار ذاته يقول المخرج وائل إحسان إن الدولة لن تبنى مدينة للسينما إلا إذا استعانت بخبراء وليس موظفين، مشددا على أن هذا المشروع قد يكون مربحًا جدا للدولة إذا أحسنت إدارته حتى لا ينتهى المطاف به مثل مدينة الإنتاج الإعلامى التى بناها موظفون لا يفهمون شيئا فى الصناعة وأضاعوا أموال الدولة في بناء ديكورات من الأسمنت يصعب تغييرها من عمل إلى آخر، وهو ما دفع المنتجين لعدم التصوير فيها إلا قليلاً حتى لا يمل المشاهد من رؤية نفس الأماكن مرارا وتكرارا فى أكثر من عمل فنى.
وأضاف المخرج السينمائى أن الدولة تستطيع إرسال وفد إلى الدول الأجنبية للاطلاع على أحدث وسائل التصوير السينمائى وتنفيذه فى مدينة سينما بمواصفات عالمية تتعاون خلالها مع مستثمرين مصريين وتعود بالنفع على خزينة الدولة وتبنى خلالها استديوهات بطريقة "البانوهات" والتى تتيح للمخرج أقصى استفادة من المكان الذى يصور فيه، موضحًا أن الاختلاف بين نظام "البانوهات" والحوائط العادية هو أن المخرج يستطيع أن يقلب "البانوه" للجهة الأخرى فتعطيه لونا مختلفا أو يرفعه فتصبح الغرفة واسعة أو يكبر حجم النافذة أو يصغرها على حسب الطراز المعمارى الذى يريد العمل به.
المخرج وائل احسان
وتمنى وائل إحسان أن تفكر الدولة في مستقبل الصناعة وألا تترك إدارة هذه المدينة لمهندس المعمارى بل تعين سينمائيا يفهم في الصناعة، موضحا أنه من الأفضل أن تبنى الدولة مدينة جديدة لأن المنشآت الموجودة مبنية خطأ من الأساس وسوف تكلف الدولة أموالا كثيرة تستطيع الاستفادة منها فى بناء مدينة جديدة على مساحة أوسع مع الوضع في الاعتبار تخلل المسطحات المائية بين المبانى، مشيرا إلى أن بناء مثل هذه المدينة لن يكلف الدولة الكثير كما هو ظاهر لأن الأرض التى تبني عليها المدينة تكون ملكا للدولة، وإذا وضعت الدولة بالتعاون مع المستثمرين مبلغ 200 مليون جنيه لبناء مرحلة أولى فى هذا المشروع قد تصل تكلفته إلى مليار جنيه فإنها تسدد باقى التكلفة من إيجارات الاستوديوهات التى انتهت منها، وخلال 5 سنوات ستكون انتهت من المشروع تماما وتجنى الأرباح، لافتا إلى أن إنشاء هذه المدينة في منطقة جديدة سوف ينعشها كليا.
وأشار إحسان إلى أن الدولة لن تحل مشاكل السينما إذا اكتفت بالاجتماع مع فئة قليلة من المنتجين ورؤساء النقابات الذين توقفوا عن الإنتاج منذ فترة طويلة ولا يشغلهم سوى المناصب المختلفة، وأهملت سماع شكاوى الفنيين والمخرجين الذين لديهم خبرة على أرض الواقع، موضحا أن نسبة كبيرة من أعضاء النقابات ليس لديهم دخل بالمهنة ولا يمارسوها ومن هنا فإن رؤساء النقابات لا يصلحون لمناقشة أزمات الصناعة ومن الأفضل أن تشكل الدولة لجنة لتقصى الحقائق وجمع المعلومات الواقعية عن المشاكل.
شريف مندور
وقال المخرج شريف مندور عضو مجلس إدارة غرفة صناعة السينما، إن مصر من أكثر الدول التى لديها مناظر طبيعية تصلح للتصوير السينمائى، وأن الصناعة ليست في حاجة إلى بناء بلاتوهات جديدة لأن أغلب البلاتوهات التى تم إنشائها للسينما أصبح يتم تصوير مسلسلات بها، إلا أن هناك حاجة إلى دعم السينما غير التجارية، لأن السينما حاليا فى أزهى عصور الإنتاج السينمائى بدليل أنها أنتجت العام الماضى 49 فيلما ومن المتوقع أن يتم إنتاج ما يقارب من 65 فيلما هذا العام، لافتا إلى أن أزمة السينما الوحيدة فى التوزيع وليس الإنتاج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة