الناس ثلاثة أنواع، الأول استبشر خيرا بنزول سعر الدولار، ويتعشم هبوط الأسعار التى أصابها الجنون، وينتظر مزيدا من النزول حتى يستقر سعره عند 12 جنيها، فتعود الحياة إلى مجراها الطبيعى، والثانى يستبشر شرا ويراهن على ارتفاعه مرة ثانية، وأن ما يحدث الآن حلاوة روح، فلا تسعدوا ولا تهللوا فالقادم أصعب، والدولار لن يستسلم ولن يترك الأرض التى اكتسبها، والثالث حائر بين الاثنين ويقف فى محطة الانتظار، ولا يعلم شيئا عن المستقبل، وهل تعود الأحوال إلى ما كانت عليه، وإما «قول للزمان ارجع يا زمان».
أقف فى صف الفريق الأول وأستبشر خيرا فى المستقبل، وأن البلاد فى طريقها إلى التعافى، وابتداء من النصف الثانى من العام الحالى، سوف تستقر الأوضاع كثيرا، ويختفى حزب التشاؤم بإحباطاته ويأسه، وما بعد المطر والغيم إلا صفاء الجو، وأبنى تفاؤلى على عدة أسباب، أهمها أن كثيرا مع المشروعات سوف تدخل مرحلة قطف الثمار، وعندما تدور العجلة لن تتوقف، لإزاحة الآثار السلبية للسنوات الست العجاف، وليس مهما أن نغنى لكل مشروع، الأهم الإحساس بنتائجه على أرض الواقع.
الأزمة كانت كاشفة ورفعت الغطاء عن لوبى الجشع والاستغلال، فبعد تعويم الجنيه بساعات، رفعوا الأسعار إلى الضعف، رغم أنها تعاقدات قديمة، وحققوا من ورائها مكاسب خرافية، وعندما هبط سعر الدولار قالوا انتظروا ثلاثة أشهر أو أربعة حتى يحدث الانخفاض، يعنى منشار يأكل صعودا وهبوطا، ولا يراعى وطنا ولا ضميرا ولا دينا ولا شعبا، وأفردت لهم الفضائيات مساحات واسعة ليجملوا قبحهم، وهم يلعبون بالأسباب والمبررات لعبة الثلاث ورقات، وواجب الدولة فى الفترة المقبلة أن تفعّل قواعد الرأسمالية، كما هى فى الدول المحترمة، لأنها أصبحت فى مصر رأسمالية متوحشة، بلا قواعد أو ضوابط إلا الجشع والاستغلال.
الأزمة علمت الناس التقشف، ولن يعودوا إلى الإسراف والتبذير، وهى من الدروس المستفادة التى لا تنسى، لتثبت صحة وعبقرية المثل الذى يقول القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود «وهى بالفعل أيام صعبة سوف تجتازها البلاد، وإذا لم تتم دراسة نتائجها واستخلاص العبر والدروس منها، فنحن نضيع على أنفسنا أهم أساليب مواجهة الأزمات».