الزمان سنة 1958، المكان السويد، والحدث نهائيات كأس العالم، الكاميرا تتبع أصغر لاعب فى البطولة عمره 17 عامًا، برازيلى اسمه الحقيقى اديسون أرانتيس ناسيمنتو، تلقبه أمه بـ«ديكو»، لكن أصدقاءه بعد ذلك أطلقوا عليه «بيليه»، كان خائفًا يترقب، فهو لأول مرة يرى هذا الحشد الجماهيرى من الأوروبيين الذين يتجاوز عددهم 50ألف مشجع يهتفون جميعًا ضد البرازيل، هكذا يبدأ فيلم «بيليه.. مولد أسطورة».
يعود بنا الفيلم بعد المشهد الأول ليوم 16 يوليو 1950، ليتذكر ضياع حلم الحصول على كأس العالم من قلب ريودى جانيرو، كانت الهزيمة مسيطرة مثل شبح مخيف، الطفل «بيليه» يرى دموع والده العامل الفقير، فلا يتمالك نفسه ويبكى، ويقول لأبيه الحزين «سأفوز بكأس العالم.. أعدك يا أبى».
يحكى الفيلم الذى أخرجه وألفه الأخوان البرازيليان «جيف ومايكل زيمباليست»، عن الفترة من 1950 حتى 1958، أحلام وأحزان الفتى الموهوب، حلم أبيه وتطلعه، خوف أمه الدائم، حكايات أصدقائه الصغار التى شكلت عالمًا إنسانيًا مثيرًا، الدموع الكثيرة التى سالت من عينى «الأسطورة» حتى فى لحظات الفرح صبغت الفيلم بالجمال، وصنعت عالمًا نفسيًا ربط بين السينما والكرة، حتى أننا بعد قرابة 60 عامًا على الحدث الحقيقى، لا نزال نهتف باسمه ونردده.
لم يكن الأطفال الحفاة الذين حولوا ملاءة سرير إلى قمصان كرة قدم، يعرفون أن التاريخ سوف يصبح له رأى آخر بعد سنوات قليلة، بعدما انتقل «بيليه» إلى صفوف فريق سانتوس سنة1955، على يد المكتشف فلاديمير ديبريتو، وبعدها بدأت رقصة «الجينجا».
و»الجينجا» ليست مجرد طريقة لعب، لكنها تاريخ يعود للقرن السادس عشر فى البرازيل عن السادة والعبيد، طريقة تحتوى فى داخلها معنى لدفاع عن النفس، قبل أن تتحول إلى فن يركض فى دماء البرازيليين.
الفيلم يشبه الرواية فى أنه ممتلئ بالمقولات، فهناك «ليس عليك أن تخجل مما أنت عليه»، قالها له أبوه وظل هو يحفظها، وكلما ابتعد مما كان عليه يخفق، وعندما يعود تعود الأمور لطبيعتها، كما حفظ مقولة أبيه «اللاعب الجيد لا يكون طرفًا فى الشجارات لأنها لا تصنع سوى القلق».
لكن الفيلم يقول لك لم يكن بيليه وحيدًا قط، كان أبوه جزءًا أساسيًا من كل شىء جميل مؤمنًا به بشكل كامل يرسل إليه الرسائل حتى إن لم يكن موجودًا، فعندما سخر منه جمهور السوفييت، همس أبوه فى أذنه بينما يجلس أمام التليفزيون فى البرازيل «لا تصغ إليهم»، وفى المباراة النهائية قال له «هذا هو وقتك يا بنى»..