أعلنت وزارة الآثار منذ أيام عن كشف جديد عن مجموعة من المبانى المتجاورة من المرجح أنها تمثل معبد أو قصر، إضافة إلى حفره من الملاط بها آثار أقدام أطفال، وذلك بمدينة "بر- رمسيس"، بعاصمة الهكسوس، ولكن سرعان ما تم تعديل الخبر من قبل الوزارة لتصحيح خطأ مكان الاكتشاف ليصبح فى عاصمة مصر فى عهد الملك رمسيس الثانى، ولكن ذلك يجعلنا نفكر فى إذا كانت الاكتشافات للهكسوس فعلا فهل يساهم ذلك فى فك لغز إقامة نبى الله يوسف فى مصر؟.
قال الدكتور محمد عبد المقصود، منسق مشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس، إنه بالفعل تم الكشف عن آثار ترجع لعصر الهكسوس فى الدلتا وأهمها عاصمة الهكسوس بتل الضبعة بمحافظة الشرقية، وتقع على بعد 7 كيلومترات من فاقوس، ويعد هذا الموقع من أكبر المواقع التى اكتشفت فى مصر.
وتل الضبعة، هى منطقة تقع على بعد 7 كم شمال فاقوس، محافظة الشرقية، مصر، وسميت قديما باسم بزوان أو صوعن وهى مدينة مصرية قديمة بناءها الكنعانيون التجار، كانت العاصمة القديمة إلى سلالات العماليق الهكسوس، المدينة بنيت على خراب إحدى مدن الدولة الوسطى، بعد سيطرة "الهكسوس" على المنطقة قاموا بتحصين المدينة واتخذوها عاصمة لهم.
وأوضح الدكتور محمد عبد المقصود، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه رغم هذه الاكتشافات إلا أنه لا توجد أدلة بين اكتشاف موقع تل الضبعة وإقامة نبى الله يوسف فى مصر، كما أن هناك عدة مواقع أثرية بها آثار من عصر الهكسوس تك اكتشافها فى شرق الدلتا، وليس هناك أثر واحد أوجد علاقة ما بين الهكسوس وبنى الله يوسف.
وأضاف الدكتور محمد عبد المقصود، أن أى اجتهادات فى هذا الموضوع هى بدون أدلة أثرية حتى الآن، مشيرا إلى أن هناك خطأ يرتكب من بعض الناس وهو الربط بين الآثار والدين، وفى أحيان كثيرة يؤثر بالسلب إذا حدث خطأ فى الأدلة التاريخية، فيجب أن يكون الحدث مثبت عبر برديات أو نقوش.
وأشار الدكتور محمد عبد المقصود، إلى أنه حتى وقتنا هذا لم يتم العثور عن أدلة مثل البرديات والنقوش، وليس معنى ذلك أن نبى الله يوسف لم يقم فى مصر، حيث إن هناك 60% من آثار مصر لم يعثر عليها، وإذا تم اكتشافها سيكون هناك العديد من المفاجآت الكثيرة، وقد نجد نصا يحاكى قصة إقامة نبى الله يوسف فى مصر، كما أنه ليس هناك دليل على خروج فرعون موسى من مصر، حيث لا يوجد دليل فى الآثار، لكن قد يكتشف، والاجتهادات ليست مرفوضة ولكنها واجب.
وتابع محمد عبد المقصود، كما أنه تم اكتشاف حوالى 30 موقعا أثريا حول عاصمة الهكسوس وهى مواقع ثانوية بسيطة تضم مجموعة من الجبانات، عمرها 140 عاما، تكون الجبانات والمقابر فى تل الضبعة فى الطبقات على الوجه الآتى "حفرات عميقة بأشكال بسيطة مستطيلة أو بيضاوية أو مستديرة بدون أى مبانى، وحفرات دفن أطفال مع امفورات أو جرار كبيرة من طراز فلسطينى، وحجرة صغيرة عبارة عن مقابر بشكل مستطيل".
وحول ما يثار بأن ليس للهكسوس آثار بمصر، قال الدكتور محمد عبد المقصود، إن هذا الكلام غير صحيح، فتل الضبعة كانت عاصمة للهكسوس، وما اكتشف حولها من مواقع والتى تبلغ الـ 30، دليل على وجود مقتنيات للهكسوس، لكن هناك الكثير من آثار الهكسوس دمرت على يد المصريين، عندما استغلت الحرب بينهما، فالمصريون كرهوا الهكسوس وأخرجوهم بالمعارك الحربية، وتم تدمير آثار الهكسوس، لذلك نجدها نادرة جداً.
طرد الهكسوس من مصر
فى عهد الملك سقنن رع الثانى عام 1580 ق.م، كانت طيبة قد بلغت من القوة والمكانة السياسية شأناً جعل الصدام مع الهكسوس أمراً لا مفر منه، وهذا ما دفع ملك الهكسوس أبوبى إلى اختلاق الأعذار لبدء الصراع، وحقق سقنن رع فى هذا الصراع بعض النجاح إِلا أنه سقط فيه صريعاً 1575 ق.م، فى معركة خاضها مع الهكسوس وقد لوحظ وجود جروح وإصابات قاتلة فى جمجمته.
وخلفه فى عرش طيبة ابنه الأكبر كاموس "1560- 1570 ق.م"، وهو آخر ملوك الأسرة السابعة عشرة، وامتد حكمه 5 سنوات فقط تابع فيها الحرب التى شرعها أبوه فشن هجوماً مفاجئاً على معاقل الهكسوس المتاخمة لحدوده بقوات من الجيش وأسطول نيلى كبير، وراح يتقدم شمالاً حتى بلغ عاصمة الهكسوس نفسها.
وتتحدث النصوص القديمة التى تعود إلى عهده عن استيلائه على 300 مركب مصنوعة من خشب الأرز مشحونة بالأسلحة والذهب والفضة، كما تتحدث عن بطشه بالمصريين الذين كانوا يهادنون العدو، وقبض رجاله فى تلك الأثناء على رسول بعث به ملك الهكسوس إلى أمير النوبة فى كوش السودان يحثه على مهاجمة أراضى طيبة من الجنوب، فلم يتردد كاموس فى إرسال قوة احتلت واحة البحرية محبطاً خطط أعدائه، ثم ارتد عائداً إلى طيبة بانتهاء موسم الحملات بعد أن قضى على تمرد قام به أحد أتباعه. وتذكر النصوص اسم كاموس وأخيه أحمس الذى جاء بعده عند الشلال الثانى فى النوبة، مما يحتمل توغل كاموس فى أراضى النوبة حتى ذلك الموقع.
بعد مقتل الملك سقنن رع فى حروبه ضد الهكسوس، وكانت دولة مصر العليا المصرية محاصرة من الهكسوس شمالاً ومن ملوك النوبيين جنوباً وبعد قتل الملك كامس، ثم انتقل الحكم إلى أحمس الأول الذى لم يكن يبلغ إلا 10 أعوام وقامت والدته بحثه على التدرب على القتال مع المحاربين القدامى، وعندما بلغ الـ19 قام بعض من رجاله بالتقاط رسالة مبعوثة من ملك الهكسوس إلى ملوك النوبة يحثونهم بالزحف على الطيبة مما أدى إلى قيام أحمس بالهجوم على الهكسوس وهزمهم فى عدة معارك، وقام بشن عدة هجمات خارجية عليهم فى أراضيهم الأصلية، ولم تقتصر جهود أحمس الحربية على مقاتلة الهكسوس، فقد تحول بعدها إلى جنوب مصر فقاد ثلاث حملات كبيرة متوالية استهدف فيها بلاد النوبة لتأديب أميرها الذى تعاون مع الهكسوس عليه وبذلك أصبحت الحضارة المصرية القديمة تحت حكم ملوك طيبة المصريين.
من جانبه، قال الدكتور أيمن العشماوى، رئيس الإدارة المركزية لوجه بحرى بوزارة الآثار، إن الكشف عن آثار للهكسوس لايكفى أن يكون دليلا على فك لغز إقامة نبى الله يوسف فى مصر، لأنهم كانوا مجموعات وقبائل شتى جاءت من مناطق سوريا وفلسطين، ولك تكشف الآثار التى عثر عليها عن ادلة تشير لمجموعة عرقية محددة، وما كشفت عنه الآثار بالنسبة للهكسوس يشير إلى مجموعات من القبائل التى جاءت من مناطق سوريا وفلسطين بعضها قبائل بدوية، والأخرى تشير إلى أنهم جاءوا من مناطق حضارية مثل سكان مدن الساحل، وبعضهم كان لديه عادات بدائية عربية مثل التضحية أمام القبور، وهو سرعان ما ارتقت تلك العادات وتأثرت بالحضارة المصرية القديمة، وهو ما يشير إلى كثرة هذه الجماعات العرقية بحيث يصعب التفرقة بينهم.
وأشار الدكتور أيمن العشماوى، أن الأدلة تؤكد أن الهكسوس استقروا فى مناطق مختلفة فى شرق الدلتا، ولا تشير إلى ربط الهكسوس بوجود نبى الله موسى فى مصر، كما زعم اليهودى يوسينفيوس خلال القرن الأول الميلادى، حيث قال إن اليهود هم الهكسوس وذلك محاولة منه لإيجاد أو لوضع قيمة تاريخية لهم، وكان ذلك عقب الخلاف الذى نشب بينهم وبين أهالى الإسكندرية والذى وصفهم فيها الكاهن السكندرى "ابيون" بأنهم ليس لليهود أى أصل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة