كأننا فى زمن العصور الوسطى، لا نخرج من أزمة إلا وندخل فى أخرى، مرض يسلمنا لآخر، ومجاعة لا تغادرنا أبدا، لكنها كل يوم تكتشف بلدا جديدا تستوطنه، لا شىء جيد يحدث فى أفريقيا، وها هو جنوب السودان يدخل على خط الجوع.
فالحكومة فى «جوبا»، إضافة إلى ثلاث منظمات إغاثة، أعلنت أن أجزاء من جنوب السودان تعانى المجاعة، جراء الحرب الأهلية والأزمة الاقتصادية الطاحنة فى هذه الدولة الوليدة.
ومنظمات الإغاثة تتوقع أن يعانى 4.9 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائى بين شهرى فبراير وإبريل، بسبب الأثر بعيد المدى للصراع فى جنوب السودان، وارتفاع أسعار الغذاء، وتعثر الاقتصاد، وانخفاض الإنتاج الزراعى، على أن يرتفع هذا الرقم إلى 5.5 ملايون شخص بحلول يوليو.
ومن جانبها، قالت منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف» وبرنامج الغذاء العالمى: إن المجاعة تؤثر حاليا فى أجزاء من ولاية الوحدة شمال وسط البلاد، ويعنى إعلان المجاعة الرسمى، أن هناك أشخاصا يموتون بالفعل بسبب الجوع، كما أن هناك بالفعل مليون مواطن على حافة المجاعة فى أجزاء عدة من جنوب السودان، توقفت فيها أعمال الزراعة.
بالطبع وحتى نكون منصفين، فإن جزءا من هذه الأزمة هى من صناعتنا وجزءا آخر صناعة من أطراف خارجية، فرضت نفسها على الجميع، لقد كانت هناك سنوات طويلة من التجاهل لمشكلات الناس فى هذه المنطقة أدت إلى تفاقم هذه الأزمات.
وعندما أصبح «جنوب السودان» دولة بعد الانفصال 2011، كان علينا أن نتوقف لنقرأ بشكل جيد هذا الحدث المهم، فقد اعتبر الكثير من سكان شمال السودان أن الجنوب مجرد أزمة مستمرة فقط، لذا وافقوا على انفصاله، ويبدو أن كلامهم به جزء كبير من الصحة، فها هى المعاناة لا تكف أبدا عن بسط يدها لحياة وأرواح كل المعذبين فى هذا المكان الغنى بخيرات الطبيعة، الفقير بسبب سياساته وظروفه.
هذا بالطبع إضافة إلى أن الجنوب يعانى حروبا داخلية أثرت على ما تبقى فيها من خير توقعه البعض.
المهم، ليس علينا أن نقف مكتوفى الأيدى، بينما إحدى دول حوض النيل تعانى أزمة كبيرة بهذه الدرجة من القسوة، التى ستقضى على كل شىء هناك.
يمكن لنا فى القاهرة إضافة إلى المساعدات المادية التى يمكن أن نقدمها، أن نساعد فى نشأة بنية أساسية فى هذه المنطقة، خاصة أن جنوب السودان إحدى دول حوض النيل، ويربط بيننا مصير مشترك، مرتبط بالماء، وفى ظل هذه الطروف هم فى حاجة إلينا ونحن فى حاجة إليهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة