"من ليس فى قلبه الله، فليس بإمكانه أن يشعر بغيابه"، بهذا الكلمات الروحانية لـ"سيمون ويل"، بدأ الدكتور سامى عامرى، مقدمة كتابه "مشكلة الشر ووجود الله: الرد على أبرز شبهات الملاحدة"، الصادر عن المؤسسة العلمية الدعوية العالمية عام 2016.
ويرى الكاتب أن الشر هو شبهة الاعتراض الأولى فى السجالات بين المؤلهين ومخالفيهم، مستشتهدا بمناظرة الفيلسوف البريطانى الملحد "ستيفن لاو" و"ويليام لين كريج"، فى موضوع هل يوجد إله عام 2011، والتى اكتفى فيها "ستيفن" باستعراض الشر كشبهة لإنكار وجود الخالق.
ويشير الكتاب إلى أن الشر أيضا هو الحجة الأثيرة فى الكتابات الدعائية للفلاسفة الملاحدة الكبار، من غير تيار "الإلحاد الجديد"، وأبرز الكاتب رواية الفليسوف "مايكل مارتن" فى مؤلفه "الإلحاد: تبرير فلسفى" 1990، والذى يعد أقوى مؤلفات "مارتن" وذلك فى جزأين "ما يستدل به المؤلهة"، وقد جاء متنوعًا، متناولاً لأبواب متعددة من النظر والجدل، والجزء الثانى "فى أدلة الإلحاد".
وفى إجابة الكاتب حول وجود الشر، اختار عبارة "كلود ليفى شتراوس" "ليس العالم هو الذى يعطى أجوبة صحيحة وإنما هو الذى يسأل الأسئلة الصحيحة"، وأوضح بعدها الكاتب أن الشر لا وجود له وإنما هو مجرد وهم أو تصور ذهنى، وهو التصور الذى يتوافق مع مقولة "برتراند راسل": "الشر هو العالم السفلى للأوهام التى يجب أن نحرر حواسنا منها"، كما استشهد بأصحاب الديانات الهندوسية والبوذية، إذ أن الهندوس يقولوا أن الشر مجرد "وهم"، والبوذيين يعتبرونه سر غامض"
وتطرق الكاتب للأحاديث بعض الفلاسفة مثل "ويليام رو" والذى يرو أن وجود الشر منافى منطقيا لوجود إله، والذى يستلزم نفى إحدهما للآخر.
وفى إجابة الكاتب فى "لماذا لم يخلق الله عالمنا بلا شر!"، اختار "سامى عامرى" مقاولة "ويليام فولكنر" الفائز بنوبل للأداب عام 1949، "لو خيرت بين الألم واللاشى، ساختار الألم"، متسائلا هل يستطيع الإنسان أن يعيش على الأرض دون ألم!.. هل نطيق أن نعيش؟
وهنا أشار الكاتب إلى الشر بوصفه "الألم" حيث قال: "إن الألم هو إذن عنصر أصيل فى حياة سليمة وقلب معافى من البرودة القاتلة، فيه يجد الإنسان حوافز فى داخله للاستمتاع بلحظات الوجود أو الإحساس بها ومغالبتها، فهى غيبة الإحساس باللحظة، أو الرغبة فى تحقيق نصر على ما فيها".
فما استشهد الكاتب بالآية القرانية من سورة هود حول سؤال لماذا لم يخلق الله عالما من الطيبين فقط؟: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)"، موضحا أن الله خلق الناس بقدرات وملكات تقتضى ألا يكونوا كلهم مصيبين وألا يكونوا كلهم مخطئين، وقد جعل فى فطرتهم معرفة الحق، ثم أسلمهم إلى ما يختارون من حق وباطل، مؤكدا: "ليس فى حساب الله أن يخلق عالما بلا شر، وإنما اختار لخلقهم هذا الطبيعة، فالحكمة التى أقيهم عليها نظام هذا العالم اقتضت أن يكون نظام عقول البشر قابلًا للتطوح بهم فى مسلك الضلالة أو مسلك الهدى على مبلغ استقامة التفكير والنظر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة