تعيد واقعة خروج الأقباط من العريش وذهابهم إلى الإسماعيلية، إلى الأذهان كل المواقف التى قرر فيها الأقباط المصريون التضحية بأرواحهم وأموالهم، من أجل إفساد مخططات بث الفتنة الطائفية.
فى السنوات الثلاث الأخيرة وتحديدًا منذ 30 يونيو، ظهرت محاولات عديدة للعب على وتر التقسيم الدينى والطائفى، انحاز فيها الأقباط للهوية المصرية، رغم فداحة الثمن الذى دفعوه، وأبرز تلك المواقف ما يلى:
الموقف الأول: الاعتداء على الكنائس بعد فض رابعة
عقب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، تعرضت الكنائس المصرية لموجات عنف ممنهجة اجتاحت سبع محافظات وتسببت فى تدمير ما يقرب من 72 مبنى كنسى ما بين كنيسة ومبنى خدمات ومدرسة ومستشفى، وفى تلك اللحظة الفارقة، قال البابا تواضروس الثانى عبارته الشهيرة "وطن بلا كنائس خير من كنائس بالوطن"، ليقضى بذلك على محاولات الفتنة التى أراد الإخوان زرع فتيلها، وهو الأمر الذى أكده الباحث كمال زاخر مؤسس التيار المسيحى العلمانى حيث قال لـ"اليوم السابع"، أن الأقباط المصريين حرصوا على إدارة هذا الملف داخليًا دون الاستعانة بأقباط المهجر أو التصعيد الدولى من أجل تفويت الفرصة على المزايدين ودعاة الفتنة، حتى انحصر دور أقباط المهجر بشكل شبه كامل.
الموقف الثانى: أحداث المنيا
فى مايو الماضى، وقعت عدة اعتداءات طائفية متتابعة فى محافظة المنيا، بدأت بالاعتداء على سيدة الكرم "سعاد ثابت" وتجريدها من ملابسها، ثم أحداث قرية طهنا الجبل التى لقى فيها قبطى مصرعه، وأحداث كوم اللوف التى اعتدى فيها متشددون على بيت تحت الإنشاء خوفًا من بناء كنيسة، لاحقتها أعمال عنف متنوعة، تحلى فيها الأقباط بالصبر وانتصروا على صوت الفتنة ومحاولات تمزيق الصف الوطنى، حتى أن الكنيسة كانت تؤكد فى بياناتها الصحفية على لسان البابا تواضروس حرصها على ضبط النفس وتفويت الفرصة على محاولات الفتنة، وهو ما دفع الرئيس السيسى للقاء البابا تواضروس ووفد من الأساقفة فى قصر الاتحادية للتأكيد على رغبة الدولة فى تنفيذ القانون بحسم.
الموقف الثالث: تفجير الكنيسة البطرسية
يظل حادث تفجير الكنيسة البطرسية، الذى وقع فى ديسمبر الماضى من أقسى الأحداث آلمًا فى الذاكرة المصرية الحديثة، بعدما تسبب فى وفاة 28 سيدة وحارس الكنيسة بعبوة فجرها انتحارى، وبعد الحادث زادت الاتهامات بالتقصير الأمنى، ووقعت مظاهرات أمام مبنى الكنيسة تندد بما جرى، إلا أن الكنيسة كانت مصممة على السير فى نهج الحكمة الذى اتخذته منذ 30 يونيو وحتى اليوم، ورفضت الانصياع لمحاولات التفريق بين المسلمين والأقباط، خاصة أن الرئيس أعلن عن مرتكب الحادث بعدها بـ24 ساعة.
يلفت كمال زاخر، إلى رمزية الكنيسة البطرسية، التى كان الاعتداء عليها محاولة لضرب المقر الرئيسى للكنيسة المصرية أى الكاتدرائية واللعب على وتر التقصير الأمنى واتهام الدولة بتعمد تجاهل تأمين الكنائس.
الموقف الرابع: استهداف أقباط العريش
تستهدف داعش والجماعات الإسلامية المسلحة فى سيناء، منذ شهر منازل الأقباط وممتلكاتهم فى العريش، الأمر الذى دفعهم لترك منازلهم والذهاب إلى مدينة الإسماعيلية، تاركين أموالهم وأعمالهم ومستقبل أولادهم إلى مصير غائم، لا يستطيع أحد الإجابة على سؤال عن موعد العودة، تلك الأحداث كانت كفيلة بخروج الأقباط المصريين عن النص إما بالاستقواء بالخارج أو الضغط على الدولة، إلا أن المسيحيين المصريين وكما عادتهم، دفعوا ثمنًا غاليًا للسلم الأهلى، وضحوا بأرواحهم وبيوتهم وأولادهم، حتى أن الكنيسة طالبت رعاياها فى بيان رسمى بالحفاظ على الوحدة الوطنية فى ظل تلك الأحداث الرهيبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة