المتابع لما يحدث فى شمال سيناء، سيتأكد أن الإرهاب هناك لا يستهدف فئة معينة، فهو عدو لا يفرق بين مسلم ومسيحى، مدنى أو ينتمى للقوات المسلحة أو الشرطة، شيخًا أو شابًا، رجلًا أو امرأة، فقط كل ما يهمه أن تسود أفكاره الظلامية والتكفيرية أرجاء المحافظة، مستخدمًا كل الطرق والوسائل الدنيئة لتحقيق مراده.
آخر هذه الوسائل هى إرهاب المسيحيين هناك، لتحقيق هدف خبيث، وهو بث روح الفتنة بين المصريين، فمن خلال قتل مصرى مسيحى فى العريش وإرسال خطابات تحذيرية للأسر المسيحية، ستنشأ حالة من الذعر، وربما هروب هذه الأسر إلى مدن مجاورة، وهو ما حدث فعلًا، فقبل يومين استشهد كامل أبورومانى، برصاص عناصر تكفيرية بشمال سيناء، أطلقوا النار عليه أمام زوجته وأبنائه الخمسة داخل منزله بمنطقة حى الزهور التابع لقسم ثالث العريش، وأشعلوا النار فى المنزل ولاذوا بعدها بالفرار، وسبقها لقى سبعة مسيحيين حتفهم فى العريش على يد تكفيريين فى حوادث متفرقة على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، ومن الطبيعى أن يخشى المسيحيون فى العريش من تعرضهم لمضايقات من هؤلاء التكفيريين، لذلك اختاروا مغادرة العريش طوعًا، والذهاب إلى الإسماعيلية إلى أن يقوم رجال الأمن بدورهم فى ضبط الأوضاع الأمنية فى العريش.
خوف الأسر المسيحية فى العريش أمر طبيعى نظرًا لظروف وأوضاع غير طبيعية، لكن ما ليس بطبيعى أن يستغل البعض ما حدث للقول بأن هناك فتنة طائفية، أو رفع شعارات من قبيل التهجير أو غيرها من الأمور التى لا تصب إلا فى صالح معسكر كارهى الدولة المصرية. لذلك فإننى أؤكد أن ما فعلته الكنيسة بإصدار بيان أكدت فيه أن هذه الأحداث تهدف إلى «ضرب الوحدة الوطنية وتحاول تمزيق الاصطفاف جبهة واحدة فى مواجهة الإرهاب الغاشم الذى يتم تصديره لنا من خارج مصر»، هو أمر جيد، لأن الكنيسة على دراية تامة بما يحدث، وتعلم أن الإرهاب هو خنجر موجه فى قلب مصر كلها، وليس فقط المسيحيين، وأن هدف الإرهابيين ليس فقط إسالة دماء الأبرياء سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، وإنما أيضًا إشعال نار الفتنة فى مصر، خاصة بعدما فشلوا فى فرض كلمتهم وسطوتهم على مصر كما كانوا يتوقعون.
المؤكد أننا أمام أعمال دنيئة وخبيثة تستهدف النيل من وحدة أبناء الوطن، الذين يقفون صفًا واحدًا فى مواجهة الإرهاب، الذى يعمل على تمزيق وحدة هذا الشعب، الذى اصطف فى 30 يونيو 2013 فى مواجهة جماعة طالما عاشت على تهديد أمن المصريين، وهى جماعة الإخوان التى لا هم لها سوى القضاء على مصر والمصريين لا لشىء إلا لأنهم كشفوا عن مخططاتهم الشيطانية لإعادة عصر الخلافة العثمانية مرة أخرى، بدعم وتخطيط من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الحالم بمنصب السلطان والخليفة العثمانى.
أعلم جيدًا حجم معاناة إخواننا المسيحيين خاصة وهم يتركون منازلهم هربًا من الإرهاب الغاشم والغادر، لكن علينا أن ندرك جيدًا أننا جميعًا أمام عدو يحتاج منا جميعًا أن نقف له صفًا واحدًا، مسلمين ومسيحيين أيدينا فى أيدى بعض، لا يفرقنا شىء، فلا يجب أن نترك الفرصة لمجموعات تكفيرية تدين بالولاء لدول وأجهزة خارجية، ولا يجب أن نحقق لهم ما يريدونه، فكل أمل التكفيريين والإرهابيين أن يستجيب المسيحيون لهذه التهديدات، فبهذه الاستجابة يتحقق لهم أول أهدافهم، وهو تفريغ المدينة من سكانها تباعًا، اليوم بدءوا بالمسيحيين وغدًا المسلمين، إلى أن تتحول العريش إلى مرتع لهم. إذا كنا بالفعل جادين كشعب فى مواجهة الإرهاب، علينا أن نساعد الأسر التى غادرت منازلها فى العريش أن تعود مرة أخرى، وأن نتحول إلى حماة لهم، لكن وهم داخل منازلهم، وليسوا فى مكان آخر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة