قال الدكتور محمد مطر الكعبى، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بالإمارات، خلال الجلسة التى أدارها بعنوان "الحرية والتنوع"، إن الأزهر الشريف يبذل جهودًا كبيرة فى نشر ثقافة الحوار والتعايش السلمى وإرساء قيم المواطنة والتنوع والتكامل بين مختلف الأطياف، معربًا عن تقديره لما تقوم به مصر قيادة وشعبًا فى ضرب المثل على التعايش المشترك واحتضان هذا المؤتمر التاريخى.
من جانبه، قال الدكتور محمد السماك، عضو مركز الملك عبدالله بين الأديان والثقافات، أن الإسلام يقضى بوحدة الإنسانية وتنوعها، ويرسى أسسًا ومبادئَ لاحترام التنوع والتعدد، لافتًا إلى أن الله سبحانه خلق الناس جميعًا من نفس واحدة تأكيدًا للمساواة بينهم، ثم جعلهم أممًا وشعوبًا متعددة الألسن، مختلفة الألوان والأجناس متنوعة الشرائع، ولو شاء غير ذلك فإنما يقول له كن فيكون، مشيرًا إلى أن وثائق الأزهر الشريف جاءت لتؤكد هذه الثوابت التى تقوم عليها الدولة الوطنية التى تحترم الدين وحرية العبادة، والتى تصون فى الوقت ذاته هوية الجماعات المتعددة.
وأوضح السماك أنه فى صدد الحديث عن المواطنة ينبغى أن نشير إلى مصطلح الذمية الذى أسيء استخدامه من قبل قوى التطرف الإرهابى الذى يقوم فى الأصل على إلغاء الآخر، فالإسلام ينظر إلى اليهود والنصارى على أنهم أهل كتاب، وقد جعلهم دستور المدينة إلى جانب المسلمين يشكلون أمة واحدة، فكان هذا الدستور الذى أقره رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مُقرًا لأول مرة شرعية التعدد الدينى فى الدولة الوطنية؛ وكرس ذلك وعزّزه رسولنا الكريم عندما استقبل وفد مسيحى نجران يتقدمهم رئيس أساقفتهم وشاركهم الطعام والشراب فى بيته الطاهر ثم أعطاهم العهد الملزم للمسلمين جميعًا، وهو العهد الذى جدَّد الالتزام به من بعده الخلفاء الراشدين.
من جانبه قال الدكتور محمود زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء وعضو مجلس حكماء المسلمين، فى كلمته التى ألقاها خلال جلسة التنوع التى أدارها الدكتور محمد الكعبى رئيس الهيئة العامة للشئون الإسلامية بالإمارات، بمؤتمر "الحرية المواطنة.. التنوع التكامل"، أن التنوع حقيقة لا تخطئها عين ولا ينكرها عقل، فالبشر شعوب مختلفة وأمم متنوعة والتنوع فى عالم الإنسان أوضح ما يكون، فبالرغم من الاختلافات بين البشر فإن جوهر الإنسان واحد بغض النظر عن اختلاف الجنس أو اللون أو العقيدة.
وأشار دكتور زقزوق إلى أن الوعى بحقيقة التنوع يشيع روح الأخوة والاحترام المتبادل بين الإنسانية، وبدون هذا التنوع فى الكون والإنسان لا يكون للحياة طعم أو لون، بل أن التنوع يدفع الناس إلى ترقية الحياة وتبادل الأفكار والخبرات وتدافع الحضارات وتكامل الجهود من أجل النهوض بين المجتمعات الإنسانية، لافتاً إلى أنه لن تقوم قائمة للأوطان دون التكامل والتضامن بين أفراد المجتمع.
ومن جانبه قال الدكتور مصطفى الفقى الكاتب والمفكر السياسى، أن الديانات كلها قامت على قاعدة واحدة هى حرية الفرد فى الاعتقاد، واحترام الإنسان لاختيارات الغير وهذا أفضل ما تقدمه المجتمعات المتطورة لبنى البشر، مضيفاً أن الحياة بطبيعتها مفتوحة بكل من يعيش فيها وتقبل الحوار، لكن أكبر مشكلة تقابلنا هى رفض كل منا لتقبل الآخر وهذا أمر جدير يدعوا إلى التأمل والدراسة.
وأكد الفقى أن الحضارات التى ارتبطت بديانات مختلفة التقت واتفقت على احترام الغير دون النظر إلى ديانته أو مذهبه، موضحاً أن التعدد والتنوع مفتاح السعادة فى الحياة واحترام خيارات الآخر أمر يجب أن نعتز به.
من جانبه أكد الدكتور أسعد قطان أستاذ اللاهوت بجامعة مونستر، أن الدين الإسلامى حرم قتل النفس البشرية إلا بالحق كما فيالقرآن الكريم، وهذا الوعى تبلور على مدى العصور بقدر قيمة الإنسان، موضحاً أن الهوية الوطنية تتقدم على الحرية الفردية، فالهوية سواء الفردية أو الجماعية هى مسألة دينامية أقرب من التحول إلى الثبات، كما أن العلوم الإنسانية تساعد فى تفكيك المفاهيم الجوهرية للهوية.
تأتى هذه الكلمة ضمن فعاليات المؤتمر الدولى "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل"، الذى يعقده الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، فى الفترة من 28 فبراير إلى 1 مارس 2017م الجارى، وذلك بمشاركة أكثر من 50 دولة، وسط اهتمام دولى كبير، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة