بالطبع هناك علاقة طردية بين هذا العدد من قضايا لحوم الحمير، وما يجرى فى عالم الأسعار.. لم يعد يمر يوم إلا ويتم الإعلان عن ضبط قضية حمير مذبوحة، وهى ظاهرة فى كل المحافظات، وتختلف الروايات عما إذا كانت لحوم الحمير يتم ذبحها للأسود وسكان حدائق الحيوان، أم أنها تتسرب إلى الأسواق لتتحول إلى «كفتة» و«حواوشى»، مع الأخذ فى الاعتبار أن ما يتم ضبطه من قضايا يشكل ما بين 10 و%25 فقط، بما يعنى تسرب كميات معتبرة.
المفارقة أن الآراء الطبية اختلفت حول ما إذا كان لحم الحمار ضارًا أم أنه لا يمثل خطورة على الصحة، وفى الواقع فإن الرأى السائد أن لحم الحمار غير ضار، والحمير حيوانات نباتية، وقد بدأت قضايا الحمير منذ نهاية التسعينيات، وتكرر ظهور الحمير المذبوحة، ودار جدل واسع حول طبيعة لحم الحمار، وما إذا كان ضارًا أم صحيًا، يومها أجمع عدد من الأطباء على طمأنة الجمهور على سلامة لحم الحمير، وأنه لا يمثل ضررًا، ولا يحتوى على أى مواد ضارة أو سامة، ولا ضرر من تناولها، وهو ما أثار قلقًا إضافيًا، عما إذا كان هذا محاولة للدفاع عن غياب الرقابة، والعجز عن مواجهة عمليات ذبح الحمير، وترويج لحومها.
وليس هذا هو الموضوع.. الأزمة أن لحم الحمار السليم لا يختلف فى السعر عن اللحم البقرى أو الجاموسى، والحمير المذبوجة تكون عادة ميتة أو مريضة، وبالتالى فهناك عملية غش وتدليس، لأنهم حتى لا يقدمون الحمير السليمة.
يضاف إلى ذلك أن الحمار، هذا الكائن الشقيان، الذى ارتضى سخافات البشر، وأن يكون مطية، ويحمل الأثقال ويشيل الحمل عن البنى آدم، لم يشفع له كل هذا الجهد فى أن ينجو من الذبح، فيقضى حياته فى شقاء، أملًا فى الهرب من مصير زملائه البقر والجاموس والخرفان، فإذا به يكافأ بالذبح والبيع، وحتى فى هذا الحالة يباع على أنه بقرة.. ويفقد حقه فى الذبح العلنى، وهو دليل آخر على ظلم بنى البشر لبعضهم، وللحمير، وبالتالى يستحمرون الحمير مرتين، ثم يستحمرون غيرهم من بنى البشر، استغلالًا للحاجة، وشعورًا بالاطمئنان فى غياب الرقابة والتموين، فإذا كانوا عاجزين عن مراقبة الأسواق فكيف يمكنهم مراقبة الحمير، ومنع الغدر بهم فى زمن ارتفاع الأسعار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة