هو دمياطى أصيل، والأصالة هنا لا تعنى الحسب أو النسب وإنما تعنى تجسد القيم المتوارثة فى هذا الكيان الإنسانى، ودمياط مدينة العمل، مدينة التحدى، مدينة الصمود أمام الرياح العاتية والأنواء الصعبة، مدينة البحر المفتوح، ميناء، والميناء نافذة على العالم، منها ترى الآخر ومنها تنطلق إليه وعبرها يأتى إليك، لكن مع كل هذا الانفتاح الجغرافى، ظلت دمياط محافظة على شخصيتها، وظل أبناؤها «دمايطة» تعرفهم من تقاسيم وجوههم الحادة، وتعرفهم من لهجتهم المميزة، وتعرفهم من إصرارهم على النجاح وتحقيقهم مبتغاهم، وعصام الحضرى دمياطى «أصيل» يحب الحياة إذا ما استطاع إليها سبيلا، وإن لم يجد لها سبيلا كرس حياته كلها لتمهيد هذا السبيل.
هو شخص واحد، لكنه كان سببا فى إسعاد عشرات الملايين من المصريين والعرب، إصراره على الإجادة جعل الناس يتحيرون، ماذا يطلقون عليه، قالوا «أسطورة» وقالوا «سوبر مان» وقالوا «معجزة» بينما بساطة الحضرى وعفويته تخبر الجميع بأنه رجل فحسب، يأكل البطيخ ويمشى فى الملاعب ويتسلق على الشباك بعد كل انتصار، لكنه يحمل فى داخله إصرارا على اكتساب قوت يومه كعامل «أرزقى» يجرى وراء «أكل عيشه» بإخلاص صوفى، وتفانى شهيد.
هو ليس أسطورة كما يدعى البعض، فهو ابن مصر فحسب، ولمن لا يعرف فإن مصر تختار أبناءها بعناية، الانتساب إلى مصر شرف لا يستحقه كثيرون، الانتساب إليها قيمة، إن كنت ابن مصر فأنت من هؤلاء الذين شقوا الجبل ليصنعوا وادى الملوك، أو من الذين نحتوه ليشيدوا الدير البحرى، أو قطعوه ليبنوا الأهرامات، والحضرى ليس معجزة أو أسطورة، هو فحسب ابن مصر، علمته الأرض الطيبة درس الحياة، ذاكر واجتهد وعلم أن «من زرع حصد» فزرع واجتهد وعمل، وعلمته دمياط أن الحياة لا تعنى الاكتفاء بما يأتى وإنما الاستزادة مما يمكن أن يجىء، هو صياد تحدى الطبيعة ليعبر بمركبه وسط الأنواء، وهو «أويمجى» اعتاد على الحفر فى الخشب الصلب ليخرج منه طيورا وأشجارا وثمارا وجمال، هو لم يفعل شيئا يذكر، فعل ما يجب أن يفعله فحسب، لم يسمح للظرف بأن تكسره، ولا للأيام بأن تعبره، ولا للمحبطين امتلاكه، هو عصام الحضرى الذى سنحفظ اسمه لمدة طويلة، تكاد تكون عصية على النسيان.