بين الحين والآخر، يشتبك السلفيون والشيعة، وتصل معركتهما إلى عنان السماء، وتجد كل تيار يصف الآخر بأقذر الأوصاف، ورغم كل ذلك يرى البعض أنهما يقومان بوظيفة واحدة داخل الدولة، ألا وهى تفتيتها، فهل السلفيون والشيعة وجهان لعملة واحدة رغم التضاد بينهما؟ أى هل طوابير المتبعين لروح الله الخمينى، مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية ورائد تسييس المذهب الشيعى، وبكيله الحالى خامنئى، ووكلائه الآخرين الحاليين والمستقبليين، تشبه طوابير تابعى السلفية والوهابية ومبايعى ياسر برهامى ومن يحذون حذوه؟ بمعنى هل عمامة الخمينى تصلح للاستقرار على رأس ياسر برهامى؟ أم أن الشيعة ينحازون للدول التى تمولهم فقط، بينما تنحاز أجندات السلفيين لصالح الوطن حتى لو كانت الطريقة خاطئة؟
خبراء وإسلاميون، جزموا بأن السلفيين والشيعة وجهان لعملة واحدة، كاشفين عن طرق عملهما وحجم التشابه بينهما، ومؤكدين أنهما يتبعان منهج الاستهانة بالمخالفين، وتقديس السادة والشيوخ، والاعتماد على فقه التراث، إضافة إلى تقديس المراجع والفقهاء.
باحث إسلامى: الشيعة والسلفية لا يختلفان.. والأخيرة جزء أصيل من الإرهاب
فى هذا الإطار، يقول محمد مصطفى، الباحث فى شؤون التيارات الإسلامية، إن السلفيين والشيعة واحد، لا يختلفان عن بعضهما، متابعًا: "احذروا المتسلفة الوهابية، أدعياء اتباع السلف الصالح زورًا وبهتانًا، فما كان السلف حليفًا يومًا لأعداء أمته، كما هم الآن يتحالفون مع الغرب، احذروا أشقاء ثوار الناتو فى ليبيا، الذين باركوا إخوانهم هناك يوم كانوا يكبرون ويهللون على وقع ضربات الطائرات الفرنسية وحلف الناتو، وهى تدك ليبيا دكًا".
وأضاف "مصطفى"، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، قائلاً: "احذروا من كان الغرب يريد من خلالهم أن يجعل منطقتنا، شرق أوسط بلحية وجلباب، احذروا من أرسلوا طلائع لهم لواشنطن، كى يعلموهم كيف يقدمون إسلامًا مُهجّناً غربيًّا بلون الدماء، احذرا خُدَّام السفارة الأمريكية المستهزئين بالوطنية، وعلم أم الدنيا مصر، احذروا الذين لعبوا فى عقول البسطاء فغيبوهم عن الوعى، وحوَّلوهم لقنابل موقوتة قابلة للانفجار فى أى وقت، احذروا المتسلفة الخادعة التى يخرج قادتها على الإعلام يستنكرون الإرهاب، وقواعدهم على الأرض جزء أصيل من الإرهاب، احذروا الماسون المتأسلم بكل صنوفه وأشكاله المتنوعة ولا تصدقوه، فقد دبروا للانتقام ليس من الدولة المصرية، بل من الشعب كله، فهم لن ينسوا لهذا الشعب طلعته الأبية فى 30 يونيو 2013".
وتابع الباحث الإسلامى تصريحه بالقول: "لن ننسى لقاء وفد المتسلفة الوهابية فى منتصف سبتمبر 2015 فى واشنطن بوزير الخارجية الأمريكية الأسبق جون كيرى، وكان يرأس الوفد القيادى السلفى نادر بكار، لوجوده فى أمريكا خلال هذه الفترة فى بعثة دراسية فى الاتجاه نفسه، الإسلام السياسى، وطالبهم وزير الخارجية بالقيام بواسطة بين الإخوان المتأسلمين والدولة المصرية لإعادة الإخوان للحياة السياسية، فيما اقترح الوفد السلفى أن يكونوا بديلا عن الإخوان".
وأضاف الباحث محمد مصطفى: "لما سقط الإخوان أرادوا دعم الثورة، لا من أجل الثورة، بل لتفادى التيار الشعبى الكاسح المؤيد للجيش وعودة الدولة، ولكن خاب مسعاهم، ولم يبق لهم سوى البوابة الأمريكية، فاحذروا من دقوا أول مسمار فى نعش الخلافة العثمانية، وكانت على أسوأ أحوالها تمثل وحدة للعالم الإسلامى، فكان كبيرهم محمد بن عبد الوهاب أول من أعلن التمرد عليها بدعم البريطانيين، والآن يريدون استهداف الدولة بزعم إقامة الخلافة، التى كانوا هم أول من سعى لإسقاطها، احذروهم، فليس لهم أى علاقة فكرية بالسلف الصالح من الأمة"، مختتمًا تصريحه بالاستشهاد بقول الله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ".
داعية أزهرى: الفريقان لديهما انحرافات.. وكلاهما أنتج أجنحة مسلحة
الرأى السابق يؤيده الشيخ أحمد البهى، الداعية الأزهرى، مؤكدا أن السلفيين والشيعة وجهان لعملة واحدة، فكلاهما يرفض كل مخالف ولا يعترف به، بل ويهاجمه وينتقده، إلى جانب وجود انحراف لديهم فى حب "آل البيت"، وانحراف فى الاستهانة بقدرهم.
ويضيف الداعية الأزهرى فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن التمويل يلعب دوره فى نشر المذهب السلفى، والأمر نفسه لدى الشيعة، إلى جانب أن كلا الطرفين يمارس التقية فى أمور شتّى، متابعًا: "كلا الفريقين أنتج أجنحة مسلحة تحمل السلاح فى وجوه المخالفين".
ويوضح الشيخ أحمد البهى، الداعية الأزهرى، أن هناك تقاربًا شديدًا للغاية بين السلفية والشيعة، رغم أن كلاهما يهاجم منهج الآخر، وقيادتيهما يشنون حربًا ضد بعضهما، مختتمًا تصريحه بالقول: "الحقيقة أن أساليبهما فى نشر الأفكار واحدة".
أحمد عطا: الشيعة والسلفيون يستخدمان التقية والكذب ويعتمدان على التهييج
فى سياق متصل، يؤكد أحمد عطا، الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، وجهة النظر نفسها، مشيرًا إلى وجود تشابه كبير بين الشيعة والسلفية، يتمثل فى أن الاثنين يستخدمان التقية والكذب، وفكرهما يعتمد على التهييج والتقول والكذب على الخصوم، وعدم الرغبة فى الحوار الجاد والعقلانى، استنادًا لفقه تراثى يُقدّس السادة والمراجع والشيوخ.
ويضيف الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن من بين أوجه التشابه أيضًا، تكفيرهم لمن ينكر تراثهم أو يعترض على الشيوخ والأئمة، وهنا تم وضع الشيخ فى مرتبة علمية من مراتب الأنبياء، كما جاء فى مؤلفات الدكتور عبد الرحمن دمشقية، فى كتاب "الحديقة الندية"، متابعًا: "من أوجه التشابه أيضًا، أنهم لا يكفرون أحدًا بذنب، ولا يكفرون أحدًا ببدعة، وهذا ثابت بين السلفية والشيعة، لهذا لم يتم تكفير تنظيم "داعش" الإرهابى حتى الآن، من جانب أى من شيوخ السلفية، الذين اعتبروا أن ما يفعله التنظيم الإرهابى مجرد "إثم وذنب" عادى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة