تستمر موجة الانتهاكات التى يقوم بها الاحتلال الإسرائيلى فبعد أيام من حملات اعتقالات وتعذيب أسرى فى السجون إلى قوانين يقرها الاحتلال للاستيلاء على أراضى معترف بها دوليًا أنها من حق الشعب الفلسطينى وأصبح الاحتلال يسرق الأراضى الفلسطينية عينى عينك وسط صمت دولى، فقد صادق الكنيست الإسرائيلى، أمس الإثنين، على قانونًا يقنن بأثر رجعى وضع نحو 4000 آلاف وحدة سكنية استيطانية على أرض ذات ملكية فلسطينية فى الضفة الغربية المحتلة، وهو إجراء آثار قلقًا دوليًا.
وأدان الفلسطينيون التشريع، ووصفوه بأنه ضربة لأمالهم فى قيام دولتهم، ولكن إقرار القانون ربما لا يعدو كونه خطوة رمزية إلى حد كبير إذ أنه يتعارض مع أحكام المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن حقوق الملكية. وقال المدعى العام بإسرائيل أن الخطوة غير دستورية وإنه لن يدافع عنها فى المحكمة العليا.
ورغم أن التشريع الذى أيده 60 من أعضاء الكنيست مقابل اعتراض 52 نائبًا يحظى بدعم الائتلاف اليمينى بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقد آثار توترات فى الحكومة.
وصرحت مصادر سياسية بأن نتنياهو أبدى خلال أحاديث خاصة اعتراضه على التشريع، قلقًا من أن يمهد السبيل لدعاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى. إلا أن حزب البيت اليهودى اليمينى المتطرف - وهو عضو فى الائتلاف يطمح لأن يجتذب ناخبين من القاعدة التقليدية لحزب ليكود الذى ينتمى إليه نتنياهو - دفع بالتشريع بعد إجلاء 330 مستوطنًا الأسبوع الماضى عن موقع أقيم على أرض فلسطينية مملوكة ملكية خاصة.
ومع خضوع نتنياهو لتحقيق من جانب الشرطة للاشتباه فى إساءة استغلال منصبه - وهو اتهام ينفيه - بدأ حزب ليكود يتراجع فى استطلاعات الرأى، وربما كان الاعتراض على القانون ينطوى على مخاطرة بإبعاد مؤيديه وترك الساحة أمام البيت اليهودى.
وقالت مصادر سياسية، أن مناشدات نتنياهو هذا الأسبوع بتأجيل التصويت إلى ما بعد لقائه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى واشنطن فى 15 فبراير قوبلت بالرفض من جانب البيت اليهودى.
وفى لندن، حيث التقى نتنياهو مع رئيسة الوزراء تيريزا ماى، أمس الاثنين، قال لصحفيين إسرائيليين أنه لم يكن يريد تأجيل التصويت، وإنما كان يسعى لإطلاع واشنطن بالأمر قبل وقوعه بوقت كاف، وهو ما قال أنه فعله. ولم يرد البيت الأبيض على طلبات بالتعليق.
ولم يحضر نتنياهو نفسه التصويت لأنه كان عائدًا من لندن لدى إجرائه.
ومن جانبها، أدانت منظمة التحرير الفلسطينية إقرار الكنيست الإسرائيلى، مساء أمس الاثنين، قانونًا يشرع آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية فى الضفة الغربية المحتلة بأثر رجعى، معتبرة أنه "يشرع سرقة الأراضى الفلسطينية.
وقالت المنظمة فى بيان، أن القانون الجديد يبرهن عن إرادة الحكومة الإسرائيلية فى تدمير أى فرصة للتوصل إلى حل سياسى، مشددة على أن الاستيطان الاسرائيلى يقوض فرص السلام وخيار الدولتين.
واعتبر الناطق الرسمى باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، "قانون التسوية" الذى صوتت عليه الكنيست الإسرائيلية، بالقراءتين الثانية والثالثة، مرفوض ومدان، مشيرًا إلى أن هذا القانون مخالف لقرار مجلس الأمن الدولى 2334، مطالبًا المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته قبل أن تصل الأمور إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها.
ورفضت الولايات المتحدة التعليق على إقرار الكنيست الإسرائيلى للقانون، وقال مسئول فى وزارة الخارجية الأمريكية لوكالة فرانس برس، أن "الإدارة بحاجة إلى فرصة للتشاور مع جميع الأطراف بشأن الطريق الواجب سلوكها للمضى قدمًا".
وأضاف "فى الوقت الراهن تدل المؤشرات على أنه من المرجح أن يعاد النظر فى هذا التشريع من قبل المحاكم الإسرائيلية ذات الصلة، وإدارة ترامب ستمتنع عن التعليق على التشريع إلى أن تصدر المحكمة ذات الصلة حكمها".
والقانون الذى يقول معارضوه أن إسرائيل ستطبق من خلاله لأول مرة قانونها المدنى فى الضفة الغربية ليس فقط على الأفراد وإنما على أراض معترف بها أنها فلسطينية، تم إقراره فى قراءة ثالثة ونهائية بأغلبية 60 نائبًا مقابل 52 صوتوا ضده، وذلك من أصل 120 نائبًا يتألف منهم البرلمان. وأقر الكنيست هذا القانون بعدما أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الإدارة الأمريكية بهذه الخطوة.
ومنذ تسلم دونالد ترامب مهامه الرئاسية والموقف الأمريكى من الاستيطان الإسرائيلى مبهم، فقد سبق للبيت الأبيض أن اعتبر أن بناء وحدات استيطانية جديدة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة يمكن أن لا يكون عاملا مساعدا فى حل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنه أكد فى الوقت نفسه أنه لم يتخذ بعد موقفًا رسميًا من المسألة وأنه لا يعتقد أن "المستوطنات تشكل عقبة أمام السلام".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة