كان عاصم عبدالماجد من أشهر دعاة «المراجعات الفكرية» وهو فى السجن، ثم تنصل منها واستنكرها بعد خروجه عام 2011، وهدد معارضى مرسى إذا خرجوا فى 30 يونيو بالقتل والسحل وإلقاء جثثهم النتنة للكلاب المتوحشة، وكان المحرض الأساسى فى اعتصام رابعة، وقبل فض الاعتصام تمكن من التسلل والهروب خارج البلاد، ليعيش عيشة الملوك فى قطر، تاركا الشباب الذين كان يعبث بعقولهم لمصيرهم الأسود فى السجون، وسؤالى هنا: هل حوار المراجعات الفكرية الذى يدور الآن للإفراج عن مجموعات من شباب الإخوان، «خدعة» للخروج من السجن، أم «توبة» شباب غرر بهم ثعالب الإخوان؟
أولا: مخطئ من يتصور أن السجون تستأصل الإرهاب، والعكس صحيح فهى صوبة لتربية الإرهابيين، ودليلى على ذلك أن البداية الحقيقية لظهور عشرات الجماعات الإرهابية الدموية، نمت فى السجون أيام الرئيس عبدالناصر، وبعد أن أفرج عنهم السادات فى صفقة سياسية تحولوا إلى وحوش ضارية روعت البلاد عنفا ودماء، وانتهى المشهد باغتيال السادات فى المنصة، والدرس التاريخى المستفاد هو «خاسر دائما من يعقد صفقة مع شيطان».
ثانيا: كانت مجموعة المراجعات الفكرية فى التسعينيات الذين تم الإفراج عنهم بعد 25 يناير، هم مشعلو الفتن والصراعات وأعادوا بث أفكار العنف فى أشد صورها، وتنصلوا من كل حرف، وشّرعوا لمرسى وأهله وعشيرته كل الجرائم التى ارتكبوها، وتباهوا باغتيال السادات، وأنه كان يستحق القتل، واعتبروا مصر «لقمة طرية» أرادوا التهامها بسرعة، فوقفت فى زورهم وخنقتهم.
ثالثا: من أشهر كتب المراجعة الأربعة التى أصدرها قادة الجماعة الإسلامية وهم فى السجون «مبادرة وقف العنف.. رؤية واقعية ونظرة شرعية»، تأليف أسامة إبراهيم وعاصم عبد الماجد، وناقش «موانع القتال»، بعد أن ربت الجماعة كوادرها على «وجوب القتال»، وتناول بشكل مفصل المسافة بين الموانع والموجبات، وأقسموا أنهم استوعبوا الدرس وهجروا العنف إلى الأبد الذى حدث بعد خروجهم عكس ذلك تماما.
رابعا: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ولا يجب ابتلاع خدعة مئات «إقرارات التوبة» التى يوقعها شباب الإخوان الآن فى السجون، للحصول على عفو بالإفراج، وإلا فنحن نرتكب نفس الخطأ.
خامسا: كيف نحمى شبابنا من الوقوع فى براثن التطرف، وكيف ننقذ شبابا قبل أن تغرس فيهم السجون بذرة العنف والإرهاب؟ ومن الذى يستحق أن يشمله العفو؟.. أسئلة تحتاج للمناقشة.