بسرعة الصاروخ تتصاعد التطورات فى المنطقة بين عدد من التسويات والاتفاقات للتهدئة، وبين التهذيب لبعض الأنظمة، نعم التهذيب لعدد من الأنظمة.. فقد وضحت الرؤية بعد أن تقدمت إيران برسالة استعراضية لزرع الرهبة عند الأقوياء والخوف عند الضعفاء من الدول، القيادات الجديدة فى العالم.. فهو اختبار لمدى صلابة رد الفعل تجاهها، فأطلقت صاروخا باليستيا ارتد عليها، فكانت ثلاث عشرة شخصية قوية واثنتا عشرة شركة إيرانية تنال نصيبها من العقوبات الاقتصادية التى فرضتها واشنطن مؤخرا فى تحرك مبدئى تتبعه تحركات أخرى.
الغريب أن إيران لم تتردد فى إخفاء مشروعها التصعيدى وطموحاتها فى السيطرة وإلى تصدير ثورتها، وذلك مكتوب فى الدستور الإيرانى، مما يعتبر إعلانا صريحا عن البدء بذلك المشروع الذى تحتاجه الجمهورية الإسلامية من أجل استمرارها فى البقاء؟
ولكل من يتابع وتيرة السياسة الإيرانية إن كان بالتجارب الصاروخية أو عبر التصعيد بالتصريحات والكلام يظل أسلوبا تناور به إيران، وليس أمامها فى النهاية سوى التعاطى مع الواقع الأمريكى الجديد المفروض على الجميع!
واضح أن إيران تبدو مستعدة لاستخدام اليمن ولبنان والعراق فى توجيه الرسائل فى المرحلة القريبة المقبلة. والسؤال: فهل هذا التوتر فى العلاقات والضعف فى التنسيق العربى يسمح بتشكيل موقف حاسم من الحماية من أعدائها والمتربصين بها؟
صعب أن يتم حشد الموقف العربى الآن.. ولا نجد أملا كبيرا قريبا قبل الاجتماع السنوى للجامعة العربية الذى يملؤه التجاذب فى الكلام والفتور فى التفاعل، فطول الأزمات يضيف من التعقيدات، ويستفيد منها كل من كان له أهداف أو مصالح وتخسر فيها المصالح العربية، مادام التضامن مفقودا، أو الوصول إلى شكل فريق عمل من الضغط ومن الحزم أمام الأطماع والتهديدات على عدد من هذه الدول العربية، لذلك من غير المستحب الاستمرار والتمادى فى هذا الشقاق والفتور السعودى المصرى، ومن المؤكد ستترتب عليه خسارة للطرفين وضعف للمواقف العربية، خاصة أمام التمدد الإيرانى فى الدول العربية من جهة واستباحة إسرائيل المستمرة للقضية الفلسطينية من جهة أخرى. والمدرك للشأن الإيرانى يعلم أن المرشد خامنئى يستمر على اصطناع حالة التصعيد ليس فقط ضد أمريكا، ولكن ضد عدد من الدول، حتى يظل يظهر أمام جمهوره متمسكا بشعارات الثورة والعداء لأمريكا عنده هو الأساس! ولكن على الجانب الآخر لا مانع من إتمام عدد من الصفقات أو اتفاق نووى أو توسع فى المصالح والعلاقات، وتترك لهم نفوذ فى العراق وسوريا ولبنان.. إلخ.
هكذا كان الشكل أسلوب تبادل العلاقات طوال الفترة الماضية، ولكن الآن تعاد الحسابات من جديد، وتصبح قوة النفوذ العربى بالتنسيق المصرى الخليجى يمكن من بناء جدار من الحماية والاحترام مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وتحجيم للطموحات الإيرانية، فلا يجب أن ينتظر أهم الزعماء العرب من الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب هى وحدها من تحدد أو لتتم التسويات بين روسيا وأمريكا، أو وفق حلفائها ومصالحها فى المنطقة، العمل على بناء جبهة عربية قوية مهم والفرصة مازالت متوفرة.
فهل ستكون القمة العربية المقبلة فى الشهر المقبل هى القادرة لتواجه مراحل التحديات الصعبة التى على شفا الاشتعال فى الأشهر المقبلة بين عبقرية التوتر لحصاد أفضل التسويات، مقابل حالة الاستقرار والتهدئة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة