لم يمض شهر على استقالة مستشار الأمن القومى الأمريكى السابق مايكل فلين من منصبه على خلفية تضليله للبيت الأبيض عن اتصالاته مع الروس حول العقوبات الأمريكية، إلا واعتراف المستشار السابق بأنه قام بأعمال "لوبى" ربما تكون قد استفادت منها الحكومة التركية، وهو الأمر الذى أثار تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب على علم بذلك، خاصة بعد أن أكد مسئولون داخل البيت الأبيض بأن فريق ترامب الانتقالى تم إخباره مسبقا بأن "فلين" كانت لديه الرغبة فى أن يسجل كوكيل أجنبى لدى وزارة العدل، حسبما أوردت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
وفى تعليق للبيت الأبيض، أكد المتحدث شون سبايسر الخميس الماضى أن الرئيس لم يكن على علم بأن مستشاره كان يعمل ممثلًا لتركيا ، وقال إن محامى فلين اتصل بالفريق الرئاسى الانتقالى قبل أن يتولى ترامب المنصب لمناقشة عمله لصالح تركيا وللسؤال عما ينبغى أن يفعل. ، وأضاف المتحدث أن الفريق الانتقالى قال للمحامى إن " الأمر يعود للمحامى الشخصى لأن يعمل مع السلطات المختصة ، لتحديد ما هو ملائم وما هو غير ملائم"، وفقًا لوكالة رويترز البريطانية.
وتابع سبايسر : "نثق فى ملء الناس الاستمارات المطلوبة منهم بطريقة نزيهة وقانونية وفى هذه الحالة أقدم فلين على ملء الاستمارات التى كان يفترض أن يحررها بأثر رجعى."
وبموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب بوحدة FARA بوزارة العدل، فإن الشركات الأمريكية التى تمثل مصالح أجنبية بصفة سياسية أو شبه سياسية ملزمة بالكشف عن علاقتها بالحكومات الاجنبية وتوفير معلومات عن أنشطتها ، وكان فلين قد تعهد بعدم العمل كـ"لوبى" لمدة خمس سنوات بعد إتمام عمل شركته نيابه عن شركة تركية، بحسب أسوشيتدبرس برس .
وبحسب تقرير أسوشيتدبرس، فإن محامى "فلين" تقدم بأوراق يوم الثلاثاء الماضى لمكتب تسجيل العملاء الأجانب بوزارة العدل، يفيد بأن الجنرال المتقاعد وشركته "فلين انتل" عملوا كــ "لوبى" فى الفترة بين أغسطس ونوفمبر عام 2016، مقابل 530 ألف دولار، وهو العمل "الذى يمكن أن يفسر على أنه أفاد بشكل أساسى الجمهورية التركية".
ومن جانبها علقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن فريق ترامب الانتقالى لم يتحرك بعد أن أخبره محامى فلين عن رغبته فى التسجيل لدى الحكومة كوكيل أجنبى، على الرغم من وصول فلين لمنصب أمنى رفيع بعد عمله كـ"لوبى" لحكومة أجنبية قبل تنصيب ترامب.
وتابعت الصحيفة إن شركة "فلين انتل" تعاقدت مع شركة مقرها بهولندا تسمى “Inovo BV" مملوكة لرجل أعمال تركى "إيكيم ألبتيكين" والذى لديه علاقات وثيقة مع الرئيس التركى رجب طيب إردوغان ، وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أنه على الرغم من أن فترة التعاقد انتهت قبل ثلاث أيام من تعيين "فلين" بالإدارة الأمريكية، فإن التفاصيل الجديدة حول طبيعة عمله مع الشركة التركية تثير الجدل من جديد حول الفترة القصيرة التى تولى بها مايكل فلين منصب كبير مساعدى الأمن القومى لترامب.
وتضيف أن من يتولى منصب مستشار الأمن القومى يجب أن يكون وسيطًا نزيهًا داخل السلطة التنفيذية، ليساعد الرئيس فى قرارته، ولكن ما فعله فلين من عمل يفيد بشكل أساسى تركيا، يعنى أنه كان يمثل مصالح دولة أخرى غير الولايات المتحدة فى نفس الوقت الذى يقدم فيه المشورة لترامب حول السياسة الخارجية خلال حملته الانتخابية.
وحصلت شركة فلين على أكثر من 500 ألف دولار مقابل القيام بعمل بحثى حول الداعية فتح الله جولن، المقيم ببنسلفانيا، والذى يسعى إردوغان لترحيله لأنقرة متهمًا إياه بأنه كان العقل المدبر وراء الإنقلاب العسكرى ضده العام الماضى.
وكان مايكل بينس، نائب الرئيس الأمريكى، أعلن فى مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، الخميس الماضى، أن المعلومات عن قيام فلين بنشاطات مناصرة لصالح تركيا تؤكد صحة قرار استقالته ، فيما قال موقع VOX الأمريكى إن أمر عمل فلين لمصلحة تركيا يشكل نقطة سوداء جديدة فى ملفه، خاصًة وأنه تمت إقالته من قبل رئيسين: الأول باراك أوباما الذى أقاله بسبب سوء إدارته لوكالة استخبارات الدفاع، والثانى ترامب حينما ضلل البيت الأبيض حول اتصالاته مع السفير الروسى بواشنطن سيرجى كيسلياك فى أعقاب الانتخابات.
واستطرد الموقع الأمريكى أن الأمر بدأ بمقال رأى "غريب" مناصر لتركيا كتبه فلين فى 8 نوفمبر الماضى على صحيفة The Hill الأمريكية، والذى بدا وكأنه "حملة ترويجية لتركيا"، إذ سدد الجنرال المتقاعد هجومًا لإدارة أوباما والإعلام الأمريكى قاطبة لعدم دعمهم للرئيس التركى إردوغان، واستضافة الداعية التركى فتح الله جولن الذى وصفه وحركته بأنهما يشكلان "خلايا إرهابية نائمة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة