ما زلنا فى أحوال الصحة والعلاج، نعرف أن الضعف ليس فى الإمكانات، لكن فى الإهدار وعدم معرفة الإمكانات والاحتياجات بشكل واضح، فضلا عن غياب الرقابة، والإدارة. وهو ما انتهى إلى أن لدينا مبانى بمليارات ولا يمكن لمريض أن يجد علاجا لدور برد أو يجرى عملية زائدة أو لوز، ولا مصاب فى الحوادث يجد إسعافا، ويضطر المرضى للبحث عن مستشفيات عواصم المحافظات أو المستشفيات الجامعية والقاهرة، وهو ما يشكل ضغطا على هذه المستشفيات، بينما تضيع مئات المليارات فى الأرض.
لاحظ أن المستشفيات العامة والمركزية فى الأقاليم كانت تجرى الجراحات المختلفة وتقدم العلاج حتى السبعينيات والثمانينيات، وبالرغم من التطور التكنولوجى والطبى، تأخرنا فى توفير العلاج بسبب سوء الإدارة، فضلا عن غياب نظام واضح للثواب والعقاب، يسمح بمعاقبة المهمل، ومكافأة المخلص.
قضية الصحة، أكبر من وزارة الصحة، وتحتاج إلى وقفة واضحة لتشخيص أمراض العلاج، وفى حال عجز الوزارة عن القيام بواجباتها، يفترض أن تسعى الحكومة أو الرئاسة للبحث عن صيغ أو نظام للإدارة، ونقل الاختصاصات المركزية الغائبة للسلطة المحلية للمحافظين ورؤساء المدن وتحميلهم المسؤولية، لأن النظام الصحى ليس عجزا فى الإمكانات، لكن عجز فى العقول، وإهمال وفساد.
وزارة الصحة والحكومة والمحافظون يحتاجون إلى تحديد الاحتياجات والإمكانات، ليقرروا ماذا يريدون من مستشفيات الصحة، وهناك حاجة للإجابة عن أسئلة مهمة، منها إمكانات المستشفيات من مبان وأدوية وأجهزة، وتحديد الإمكانات والاحتياجات.
هناك مستشفيات مركزية بها أجهزة أشعة مقطعية ولا يوجد أطباء وفنيون لتشغيلها، والنتيجة أجهزة بملايين ملقاة بالمخازن، ونفس المستشفى ليس بها أجهزة أشعة إكس المطلوبة للكسور والشروخ العادية وضحايا الحوادث، وبالتالى يعجز المستشفى عن تقديم الخدمة المطلوبة بسرعة، بينما يضم أجهزة بملايين غير مستغلة، أحيانا يتم تخزين بعضها لحين تكهينها، ضمن منظومة تواطؤ وفساد معروفة.
وربما تكون الخطوة الأولى هى جرد المستشفيات، وتحديد ما تحتاجه كل مستشفى من أجهزة ومتخصصين وإعادة توزيع هذه الإمكانات بما يضمن الاستفادة من الإمكانات المادية والطبية بالشكل الذى يعيد للمستشفيات قيمتها وقدرتها، ومن دون تغيير النظام القائم وإنهاء الإهدار وسوء الإدارة والإهمال، من الصعب تجاوز هذا القدر من التخلف الذى لا يتناسب مع ما نملكه من إمكانات.