عماد الدين أديب يكتب: ولدى عمرو أديب.. ينتحر ببطء ليقدم لجمهوره أفضل مادة إعلامية.. وقلبه لم يتحمل هموم البسطاء والفقراء.. حينما دخل «عمرو» غرفة الجراحة توقفت الحياة أمامى

الأحد، 12 مارس 2017 11:27 ص
عماد الدين أديب يكتب: ولدى عمرو أديب.. ينتحر ببطء ليقدم لجمهوره أفضل مادة إعلامية.. وقلبه لم يتحمل هموم البسطاء والفقراء.. حينما دخل «عمرو» غرفة الجراحة توقفت الحياة أمامى عماد الدين أديب وعمرو أديب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عبر الإعلامى الكبير عماد الدين أديب فى مقال بصحيفة الوطن، عن شعوره الشديد بالقلق على شقيقه عمرو عقب الوعكة الصحية التى تعرض لها مؤخرا، وتطرق أديب إلى ذكرياته مع شقيقه وأسرته، وفيما يلى نص المقال: 
عمرو اديب (1)
 
خلع الدكتور عبد الحميد وفا، كبير أساتذة أمراض النساء والولادة، كمامته الطبية، وقال لوالدى ولى: «مبروك عليكم، جالكم ولد».
 
وبعد دقائق حملت على يدى أخى «عمرو»، ساعتها قال لى والدى، رحمة الله عليه: «ابسط يا سيدى، بقى عندك أخ».
 
عمرو اديب (2)
 
كانت فرحتى غامرة بميلاد أخى، فلقد عشت عشر سنوات الطفل الوحيد والأوحد لأبى وأمى، لذلك كنت دائماً أسأل أمى: «متى يكون لى أخ ألعب معه وأرعاه وأهتم به؟»، وجاء «عمرو»، وبعده بعامين «عادل».. وكانت فرحتى بهما لا توصف.
 
عمرو اديب (3)
 
وبعد نكسة 1967، اضطر والدى إلى العمل فى لبنان، يومها قال لى: «يا عماد، أنت دلوقتى راجل البيت، وأمك واخواتك مسئوليتك»، عبارة تضع على كاهل صبى فى الـ13 عاماً مسئولية استثنائية وضخمة. والحمد لله كنت على مستوى المسئولية.
 
عمرو اديب (4)
كنت مسئولاً عن إخوتى فى المدرسة، وكنت أوقع شهاداتهم الدراسية كل فصل دراسى، ولا أنسى مشهد كل يوم جمعة، حينما كنت أصطحب «عمرو وعادل» إلى سينما مترو، لحضور حفل الكارتون، لمشاهدة توم وجيرى.
عمرو اديب (5)
 
أذكر أول عصفور كنارى، وأول سمكة ملونة اشتريتها لـ«عمرو»، وأذكر أول مرة اصطحبته إلى مسرح «الليسيه» لمشاهدة مسرحية «العيال كبرت»، ويومها أقنعته بأنهم يوزعون ساندوتشات «شاورمة» مجانية بين فصول المسرحية!.
عمرو اديب (6)
 
وشاهدت «عمرو» يكبر أمامى، يعشق القراءة والموسيقى والزمالك والكباب والكبدة. ورأيته يتطور وينضج ويدرس الإعلام. وكما أخذته من يده لمشاهدة «توم وجيرى»، أمسكت بيده لدخول الصحافة والعمل معى.
 
وأشهد أنه عمل بصبر واجتهاد منقطعى النظير، وكان يذهب إلى مطابع «الأهرام» فى «قليوب» لمتابعة طباعة مجلة «كل الناس» خمسة أيام فى الأسبوع بكفاءة نادرة.
 
كبر «عمرو» وأصبح صحفياً بارعاً، ثم أصبح نجماً تليفزيونياً هو الأكثر شعبية على الإطلاق وسط أبناء جيله.
 
كلنا فى مهنة الإعلام نُدمن التنافس، ونكره أن يتفوق علينا غيرنا، إلا فى حالتى مع أخى «عمرو»، أنه الشخص الوحيد الذى أشعر بسعادة أنه أفضل منى.
 
هذا الشعور لا يأتيك إلا مع أولادك!
 
إخوتى ليسوا إخوتى، بل إنهم أولادى!
 
وحينما دخل «عمرو» غرفة الجراحة منذ ساعات بعد جهد انتحارى فى عمله بقناة «أون تى فى» توقفت الحياة أمامى. قطعة من قلبى، وجزء من روحى، شريط من أهم ذكرياتى تحت مشرط الجراح!
 
لم يتحمل صدر وقلب «عمرو» هموم البسطاء والفقراء فى السيول، أو فى مستشفى أبوالريش. لم يتحمل قلبه مشهد «منى السيد» وهى تجر كل صباح عربة وزنها أكثر من مائتى كيلو جرام، ولم يتحمل قلبه بكاء أطفال مستشفى أبوالريش. لم يتحمل قلب «عمرو» جنون ارتفاع الأسعار على البسطاء بعد تحرير سعر الصرف!.
 
7 أيام فى الأسبوع لينتحر عمرو أديب ببطء، ليقدم لجمهوره أفضل مادة إعلامية، خمسة أيام على الهواء وفى السادس يسافر إلى بيروت، وفى السابع يسجل حلقة فنية ثم يعود إلى القاهرة من المطار إلى الاستوديو!، إنه الانتحار البطىء فى الزمن الصعب المجنون الذى لا يرحم، والذى يأخذ ولا يعطى.
 
عشت حياتى أعرف كم أحب أخى «عمرو»، لكننى لم أدرك مقدار هذه المشاعر، إلا حينما استشعرت خطر فقدانه. فعلاً، صدق المثل القائل: حينما ينجرح إصبع الإنسان يهتف تلقائياً: «أخ خ خ!».
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة