زيارة ميركل لمصر لها انعكاسات إيجابية على الملفات الاقتصادية وخصوصاً جذب الاستثمار والسياحة
إن لغة المصالح هى التى تسود فى العلاقات الدولية.. فحجم المصالح يحكم مدى الحرص على العلاقات.. فمصالح أوروبا لا تقل بأى شكل من الأشكال عن المصالح المصرية لدى الأوروبيين.. فى ظل دور محورى لمصر فى درء الإرهاب عن المنطقة.. وهو ما ينعكس على أمن أوروبا ككل.. وجهود مصر الرامية فى مكافحة الهجرة غير الشرعية.. بالإضافة للاتفاقيات العديدة الاقتصادية والبترولية الموقعة بين مصر والشركاء الأوروبيين.
أما عن العلاقات المصرية الألمانية تحديدًا.. فقد شهدت تطورات مختلفة خلال السنوات الماضية.. خاصة أن ألمانيا كان لها موقف سلبى تجاه ما حدث فى مصر فى 30 يونيو 2013.. واستمر موقفها لفترة حتى زيارة الرئيس السيسى إلى برلين عام 2015.. ومن بعدها شهدت العلاقات انفراجة وصلت لذروتها فى العام الماضى.. حيث تم تبادل للزيارات بين الجانبين على مستوى عدد من الوزراء والمسؤولين وأعضاء البرلمان.. لتأتى زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كتتويج للمرحلة الماضية، وتدعيم للعلاقات بين القاهرة وبرلين.. حيث إن زيارة ميركل لمصر ستفتح آفاقًا جديدة من التعاون وتبادل الخبرات المختلفة.
فقد تبلور زخم العلاقات بين مصر وألمانيا فى أكثر من اتفاقية كان آخرها الاتفاقية التى أقرها البرلمان.. لإيجاد تنسيق أمنى لمكافحة الجريمة المنظمة.. فقد بتنا أمام مرحلة جديدة فى العلاقات بعد ما أيقن الجانب الألمانى حقيقة ما حدث فى مصر.. وخاصة بعد اكتوائه من الإرهاب وتأكده بأن استقرار مصر أمنيًا.. ينعكس على استقرار كل المحيط الأورومتوسطى.
كما بادر الجانب الألمانى للتقرب من مصر.. باعتبارها الوحيدة القادرة على مكافحة الإرهاب فكريًا.. من خلال مؤسسة الأزهر.. وما أسفر عنه من تطلع ألمانيا ليكون لمصر دور فى الخطابة بالمساجد الألمانية.. ونشر سماحة الدين الإسلامى بأوروبا.. خاصة أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، كان له زيارة سابقة لألمانيا.. واستقبله البرلمان الألمانى.. وبالتالى سيكون للأزهر دور كبير خلال الفترة المقبلة.. فى محاربة الأفكار التكفيرية عن الإسلام فى الخارج.
إن زيارة ميركل سيكون لها أيضًا انعكاسات إيجابية على العديد من الملفات الاقتصادية.. وعلى رأسها جذب الاستثمار والسياحة.. كمقدمة لنتائج الزيارة.. فضلًا عن الوصول إلى العديد من التفاهمات.. إزاء عدد من الملفات الأخرى.. والتى ظهرت بوضوح من خلال المؤتمر الصحفى المشترك بين السيسى وميركل.. فانصبت المشاورات حول معالجة ملف الإرهاب.. والهجرة غير الشريعة.. واللاجئين.. ومجريات ما يحدث فى المنطقة بشكل عام.
وبعيدًا عن كل ما مضى من مصالح مشتركة بين البلدين.. يجب الوقوف على أسباب تغير الموقف الألمانى تجاه مصر فى الفترة الماضية.. والتى ترجع أسبابه إلى أن الغرب بدأ يدرك أن جماعة الإخوان هى أصل كل الجماعات الأصولية حول العالم.. وإدراك هذه الحقيقة وضح بعد أن بدأ يعانى من إرهاب تلك الجماعات خلال الفترة الحالية.
فقد بدأت أوروبا تنتفض ضد كل الجماعات التى تتبنى العنف.. أو التى تنشر أفكارًا متطرفة.. وقد ثبت بالدليل القاطع أن الإخوان متورطون فى العنف.. ولا يسعون للسيطرة على الشرق الأوسط فقط.. بل العالم كله.. من خلال تطبيق نظرية أستاذية العالم.. فالغرب الآن يعيد نظرته ومفهومه عن الإخوان وقد يكون ذلك تمهيدًا لاتخاذ إجراءات ضدهم.
وفى النهاية.. أستطيع القول بكامل الارتياح.. بأن مصر تحقق نجاحات رائعة على مستوى السياسة الخارجية.. وأننا استطعنا أن نجبر الجميع على احترام إرادة المصريين فى ثورة 30 يونيو.. إضافة لذلك واجهنا ومازلنا نحبط مخططات التخريب الممنهجة فى علاقتنا مع شركائنا الدوليين.. وهو ما تسعى له قوى إقليمية ودولية.. ففى فترة ما بعد ثورة 30 يونيو.. كان هناك سعى لخلق عُزلة دولية على مصر.. فأى دولة كانت تشهد تقاربًا من مصر اقتصاديًا أو سياسيًا أو عسكريًا تقع حوادث تآمرية أو إرهابية وهو ما حدث مع روسيا وإيطاليا وفرنسا.. لكن المحروسة دائمًا تجابهه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة