نعم أنا كثير التعلق بكتب التاريخ، وهدفى هو علاج أمراض الحاضر بدواء الماضى، فأنا مؤمن إيمانا كاملا بأن من أحد أهم أسباب نهضتنا هو القراءة فى أوراق الماضى، لنعرف ماذا كنا، وما الذى يجب أن نكون عليه، وما هو الشىء الذى يجب أن نبتعد عنه حتى لا نقع فى فخ المستقبل، وبالتأكيد لست ممن يبكون على دفاتر الزمن، خاصة فى المراحل التى كنا فيها أسياد العالم بالعلوم والفنون والآداب، وليس بلحية وعمامة الخليفة الكذاب أبوبكر البغدادى، زعيم عصابة الدواعش، الذين اختزلوا تقدمنا فى السبايا والولاية والعبيد وأهل الذمة والقتل والحرق والذبح، هكذا اعتقد دواعش الظلم والظلمات أن هذا هو الإسلام، ونسى هؤلاء الشياطين كل قصص الرحمة والتسامح، خاصة مع اليهود والأقباط، وكما قلت قبل ذلك إن هناك أبحاثا لعلماء وكتابا أخذوا من التاريخ ما يدعم فكرة التسامح مع الآخر، من خلال أبحاث لم يقرأها خليفة داعش وشياطينه.
ومنذ عدة أيام، اخترت بحثا شيقا للباحث محمد على عتر، حمل عنوان «العدل فى الإسلام»، رصد فيه الباحث كل الأحداث التاريخية التى تؤرخ لفكرة العدالة فى إسلامنا، والتى لا يستطيع أحد أن يمحوها لأن من دونها أعدائنا، وهو ما يؤكد صدقها، فيقول الباحث محمد على عتر: «ولما فتح عمرو بن العاص الإسكندرية، جاءه وفد من الرهبان، فأعطاهم أماناً على أموالهم وكنائسهم، كما أعطى عمر بن الخطاب أهل فلسطين، فعاشت أقباط مصر ونصارى فلسطين عيشة رخاء واطمئنان، لم يحلموا بها عندما كانوا يئنون تحت نير استعباد الروم واضطهادهم، حتى قال بنيامين البطريرك الأعظم للقبط بعد أن هرب 13 عاماً من ضغط الروم، عند عودته عن فتح العرب: «كنت فى بلدى الإسكندرية، فوجدت بها أمناً من الخوف واطمئناناً بعد البلاء، وقد صرف الله عنا اضطهاد الكفرة الروم وبأسهم، وقد فرح القبط كما يفرح المسجونون إذا ما حلت من أرجلهم القيود، وخرجوا من ظلمات السجن يتنشقون رحيق الحرية ونسيم الحياة».
وقال الأسقف حنا النقيوسى: لقد نشد عمر فى جباية الضرائب التى وقع الاتفاق عليها، ولكنه لم يضع يده على شىء من ملك الكنائس، ولم يرتكب شيئاً من النهب والغصب، بل إنه حفظ الكنائس وحماها إلى آخر مدة حياته، تأملوا سياسة الرفق والاعتدال التى كان يتحلى بها قادة المسلمين، ويعاملون بها كل من يستظل تحت رايتهم، ويحتمى بحماهم، حتى لم يسع أقباط مصر وخلافهم من الرؤساء الروحانيين إلا أن يسجلوا شهاداتهم على صفحات التاريخ طروبين فخورين بعدل العرب وحرية المسلمين، قارنوا بين هذا وبين معاملة بريطانيا لعلماء الدين كيف شردتهم شر تشريد وأهانتهم أعظم إهانة فى فلسطين. للحديث بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة