جولات مكوكية عدة تقوم بها الشيخة موزة بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ووالدة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد فى عدد من دول منطقة الشرق الأوسط هذه الأيام، بدأتها هذا الأسبوع بزيارة للعاصمة السودانية الخرطوم، وتوجهت بعدها للعاصمة التونسية تونس، وهى زيارات حملت معها العديد من الرسائل، وأثارت العديد من التساؤلات عن المدى الذى وصلت إليه الخلافة داخل الأسرة الحاكمة بقطر، ودفعت بـ«موزة» إلى أن تتصرف كرئيس دولة، وتعقد لقاءات رسمية مع رؤساء دول أخرى ومسئولين بها.
ففى زيارتها للسودان، التقت «موزة» الرئيس السودانى عمر البشير يوم الأحد الماضى، ووقت معه 5 اتفاقيات تعاون بين مؤسسة «صلتك» القطرية التى تمتلكها والدة تميم والحكومة السودانية، حيث أبرمت اتفاقية مع المجلس الأعلى للرعاية ومؤسسة التحصين الفكرى السودانى وكذلك التنمية الاجتماعية والبنك الزراعى وبنك الإدخار.
ولم تكتف «موزة» بلقاء البشير إلا أنها روجت لما يعرف بمنطقة «البجراوية الأثرية» بولاية نهر النيل، والموجود بها عدد من الأهرامات الصغيرة ثم التقطت عددا من الصور التذكارية مع أطفال السودان، وتوجهت عقب انتهاء زيارتها للسودان إلى العاصمة التونسية «تونس»، والتقت صباح الثلاثاء الماضى بالرئيس التونسى الباجى قايد السبسى ووفقا لبيان رئاسى أبدت والدة أمير قطر ارتياحها لنسق التعاون القائم بين تونس ومؤسسة «صلتك»، وقدّمت فى هذا الإطار لمحة عن مختلف الأنشطة، التى تقوم بها، والرامية إلى مساعدة الشباب التونسى على إيجاد فرص عمل ودعم مشاريع صغرى لفائدته، من خلال تقديم الدعم الفنى والمادى اللازم لذلك، وأفادت بأنّ المؤسسة تنوى توفير أكثر من مليون فرصة عمل، بحلول سنة 2020 فى مختلف أرجاء العالم العربى، بما فى ذلك تونس.
الزيارتان الأخيرتان للشيخة موزة للخرطوم وتونس، رأى عدد من الخبراء والمحللين أنهما تحملان عديدا من الرسائل، أولها المكايدة السياسية لعدد من الدول الأخرى، حيث تحاول «موزة» أن تبرزا دورا لها باعتبارها ممثلة لدولة ولدها تميم، بالتعامل مع دول حوض النيل والترويج للسياحة فى دول بعينها لاستكمال خطط قطر العدائية ضد مصر، أما الرسالة الثانية فتتضمن محاولة من «الأم» لتحسين صورة السياسات الخارجية لدولة «الابن»، بعد الاتهامات التى توجه للدوحة من سائر دول الوطن العربى فى الفترة الأخيرة، بدعمها للإرهاب وقيادتها مخططات تقسيم الوطن العربى، فيما يرى خبراء أيضا أن هناك رسالة ثالثة تحملها تلك الجولات، وتتمثل فى أنها تكشف وجود خلافات وانقسامات داخل الأسرة الحاكمة فى قطر، وأن «موزة» تحاول أن تظهر قوة تأثيرها وعلاقاتها مستخدمة مؤسساتها الخيرية والدعم المالى، لتبرهن طوال الوقت على أنها لازالت تتمتع بالتأثير الأقوى داخل العائلة.
ما يثير العديد من علامات الاستفهام فى زيارات «موزة» أيضا، هو عقدها لقاءات ومباحثات رسمية مع رؤساء الدول، وإعلانها تقديم مساعدات مالية وعقد اتفاقيات تعاون، وهو الأمر الغريب حيث المعتاد فى العلاقات بين الدول، هو انعقاد أن اللقاءات الثنائية والرسمية بين رؤساء الدول أو المسؤولين بها وبعضهم البعض، وليس بين رئيس دولة ووالدة رئيس دولة أخرى.
الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية، يرى، أن الشيخة موزة تحاول أن تؤدى دورا واضحا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لقطر، خاصة فيما يتعلق بـ«مناكفة» مصر فى الملف السودانى والأفريقى على وجه التحديد وتسجيل حضور ضدها فى تلك المنطقة، من خلال دعم ومساعدات مالية تقدمها الدوحة، أما الأمر الآخر فيتعلق بفكرة الصراع داخل العائلة الحاكمة فى قطر بين جبتهين قويتين جبهة ولدها تميم وجبهة «موزة»، لافتا إلى أن قطر ترسم سياساتها الخارجية من خلال وعودها المالية والرسائل العبثية التى تحاول جاهدة أن ترسلها من أن لآخر إلى جانب التحركات القطرية المشبوهة فى علاقة قطر بدول حوض النيل، مشددا على أن كل هذه التحركات فى النهاية فاشلة ولن تؤتى ثمارا جيدة.
ويوضح وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان طارق رضوان، أن قطر تحاول أن تضفى طابعا إيجابيا على سياساتها الخارجية من خلال هذه الزيارات التى تقوم بها «موزة»، واصفا إياها بـ«المكياج السياسى»، مشيرا إلى أن مثل هذه اللقاءات قد تكون بروتوكولية أو نوعا من التكريم لأنها والدة أمير قطر فحسب.
11
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة