محمد الدسوقى رشدى

خلصانة بضمير فى سيناء.. وخلصانة بمصلحة فى القاهرة

الأربعاء، 15 مارس 2017 09:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلك أزمتنا.. الإخلاص
نعيش فى وطن مأزوم، طوق نجاته المخلصون، ولكنه يعانى ندرة منه، أغلبهم هناك على جبهة حرب مع الإرهاب يقاتلون ويستشهدون دون أن يجدوا التقدير الكافى أو الدعم المعنى المناسب من جموع سخرت نفسها للسخرية من أى شىء وكل شىء، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، بحثًا عن شهرة اللايك والشير، بجانب مجموعات أخرى فى ساحة البرلمان والحركات السياسية غفلوا عن دورهم فى دعم الأبطال على الجبهة، وانشغلوا باختراع معارك سطحية وتافهة وصغيرة طمعًا فى مكاسب شخصية وتحقيقًا لمصالح تيار سياسى يمثلونه.
 
قليلون حول الوطن، كثيرون يتصارعون عليه، المخلصون من أبنائه يعملون فى صمت من أجل مجد منتظر، أو خروج مأمول من عنق أزمة اقتصادية حادة وسط منطقة تموج فى الصراعات، والكثير من أولاده يرتدون ثوب الادعاء، ادعاء الوطنية فى كثير من الأحوال، وادعاء التدين فى العديد من المواقف، إخوان هاربون يدعون أن عرقهم نصرة للدين وماهم بناصريه، وشيوخ متطرفون يزعمون أن فتواهم لإعلاء شأن الدين وماهم إلا مشوهين له ولصورته، وإعلاميون وبرلمانيون يدعون الوطنية وما صراخهم باسم الوطن إلا تصفية لمصالح خاصة، وأهواء فى نفس يعقوبهم.
 
يقولون مالايفعلون، يحدثونك عن أملهم فى اقتصاد قوى، ويفعلون كل مايشكك فى أى إنجاز على الأرض، ويرددون مالايؤمنون به، يقولون إنهم فداء لمصر ولكنهم كافرون بتقديم أى دعم لدولة تحارب إرهاب متربص على حدودها، وكل مايهم الواحد فيهم أن يرسم لنفسه صورة يبتغى من عرضها على الناس وجه مصلحته، لا وجه الله أو الوطن.
 
سيدنا عمر بن الخطاب، وصف هؤلاء قبل مئات السنين، حينما كان مارًا فى السوق ووجد رجلًا يرفع «تمرة» وجدها على الأرض صارخًا: «لمن هذه التمرة.. لمن هذه التمرة»، فنهره سيدنا عمر وقال له: «كلها يا بارد الورع»، أى كفاك تمثيلًا ولا تشغلنا بأمر صغير عن كبائر الأمور، يشبه هذا الأمر كثيرًا خط الإخوان فى التحريض على الدولة المصرية يصطادون خطأ صغيرًا ويضخمون أمره ليظهروا للناس فى ثوب أهل الوطنية المدافعين عن الحرية، بينما تاريخهم كله ضد الوطن وضد الحرية، يشبه هذا الأمر خط كثير من الإعلاميين الذين يضخمون من خطأ خصم لهم هنا أو هناك، يغفلون لبعض النواب والسياسيين شتائمهم ويفتحون أمامهم ساعات الهواء للطعن فى الناس دون دليل، بينما ينتفضون إذا كتب شابًا صغيرًا نقدًا ساخرًا لوزير أو مسؤول ويصورون الأمر وكأن أخلاق المجتمع تنهار، وكأن شتائمهم محصنة.
 
تبالغ هذه النوعيات البشرية فى إظهار ما لا تؤمن به من أجل خدمة مصلحة ما، فيدمرون علينا حياتنا وقيمنا، وفيهم يقول الإمام السيوطى نقلا عن سفيان الثورى قوله: سيأتى أقوام يخشعون رياء وسمعة، وهم كالذئاب الضوارى، غايتهم الدنيا، وجمع الدراهم من الحلال والحرام.
 
سعيد حساسين، وعزمى مجاهد، وقيادات الإخوان الهاربة، ووزير الصحة أحمد عماد الدين، مثلًا ينتمون لتلك القائمة، فئة أولى تكلمك عن الأخلاق وحمايته، بينما تحلل لنفسها استخدام الخبيث والقبيح من الألفاظ لمهاجمة خصومها، وفئة ثانية تغنى على ربابة أشعارًا فى الوطن ومكافحة الفساد، بينما المحاكم تمتلئ بقضايا وبلاغات عن فسادها، وفئة ثالثة يتقدمها وزير الصحة تبحث عن «شماعة» تعلق فوقها فشلها فلا تجد سوى جمال عبد الناصر، الذى اتهمه وزير الصحة، أنه المسؤول الأول عن تدهور المنظومة الصحية فى مصر، دون أن يحدثنا عن ماقدمه معالى الوزير فى هذا الملف سوى الأزمات بسبب سوء إدارته لأزمة ألبان الأطفال ثم نقص الأدوية، دون أن يحدثنا عماد الدين عن المستشفيات التى تركها عبد الناصر كيف تدهور حالها أكثر وأكثر فى عهده كوزير صحة حالى، دون أن يخبرنا إن كانت مجانية عبد الناصر أصابت الصحة بالتدهور، فلماذا لا تقدم مستشفيات الخمس نجوم التى تحصل على عشرات الآلاف من المرضى خدمة صحية محترمة تحت رعاية سيادته كوزير صحة.
 
ملخص الأمر فى الإخلاص، يحتاج هذا الوطن إلى المخلصين، من يعمل ويجتهد لوجه الله والوطن سيجد من المولى كرمه وستره ورحمته عليه وعلى الوطن أجمع، ومن يعمل لهوى فى نفسه أو لمصلحة تيار بعينه لن يحصد سوى الخزى والخذلان وإن طال المدى أو قصر.
 
الدواء هنا فى حوار دار بين سيدنا الفضيل بن عياض وولده على، سأله الابن ذات مرة: يا أبتِ، ما أحلى كلامَ أصحابِ محمد، فرد عليه أبوه الفضيل بن عياض قائلا: «يا بنىّ، أو تَدرى لِم حَلاَ؟» قال: لا يا أبت، قال: «لأنّهم أرادوا به اللهَ تبارك وتعالى».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة