فى أسوان كل الأشياء الجيدة حاضرة، الناس طيبون والنيل بكر والطقس صافٍ والمنازل نظيفة، ينقصهم فقط أن تسترد السياحة عافيتها لتعود للناس ضحكتهم، قال لى المراكبى العجوز إنهم عاشوا سبعا عجافا بعد الثورة لم يدخروا لها، فتشرد البعض وغير آخرون نشاطهم، هذه السنة فقط شعروا ببعض التعافى، لأن الحركة انتعشت بفضل المصريين الذين قرروا قضاء إجازاتهم فى أسوان، رغم ذلك لن يورث العم محمد مهنته لأبنائه، لأنها أصبحت غدارة وأيضا لأنها «عيلت»، لكنه سيموت وهو يعمل على مركبه كما ولد عليها وقضى فيها عمره، وعلى ذكر العيال فإن كل هذه الآثار المتناثرة فى مصر شمالا وجنوبا، لن يكون لها مستقبل فى صناعة السياحة، طالما لم نعلم «عيالنا» احترامها وتقدير أهميتها التاريخية، ففى رحلة مدرسية التقيتها بمتحف النوبة، كان المشرفون عليها غير مبالين، والطلاب يحدثون ضجيجا لا يناسب المكان كأنهم فى مول تجارى، على عكس الأجانب الذين وقفوا مبهورين فى حضرة التوابيت والمومياوات والأوانى الفرعونية، وكلها تحكى بدقة عجيبة عن تفاصيل تعود لسنوات يخجل التاريخ من عدم إلمامه بها.